الدكروري يكتب عن الشقى من ضيع حق رمضان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
أوصيكم ونفسي بتقوي الله عز وجل، ونحن نعيش في آخر أيام هذا الشهر الكريم الطيب المبارك شهر رمضان شهر الرحمة والغفران شهر العتق من النيران يجب لنا الوقفه مع أنفسنا حتي نتذكر الأيام التي مضتت ونعلم بأن العمر نفسه سينقضي والدنيا كلها إلي
![](data:image/png;base64,iVBORw0KGgoAAAANSUhEUgAAAYYAAADcAQMAAABOLJSDAAAAA1BMVEUAAACnej3aAAAAAXRSTlMAQObYZgAAACJJREFUaIHtwTEBAAAAwqD1T20ND6AAAAAAAAAAAAAA4N8AKvgAAUFIrrEAAAAASUVORK5CYII=)
زوال ولا يبقي إلا العمل، ولقد مر ذلك الشهر المبارك وانقضى رمضان وولى عنا، فوا حزناه على ذلك الشهر الذى تولى، ووا أسفى على رمضان الذى انقضى، ولكن السعيد من كان قد استودعه الأعمال الصالحة، والشقى من ضيع حق رمضان، فإن فى مرور الأيام مدكر، وفى تصرم الآجال عبر وأى عبر، فإن الأيام تمضي جميعا، والأعمار تطوى سريعا، وإنما أنت يا ابن آدم أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك، وأعمالك فيه مرصودة لك.
إما فى صحيفة حسناتك أو سيئاتك، وصدق القائل نسير إلى الآجال فى كل لحظة، وأعمارنا تطوى، وهن مراحل ترحّل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيام وهن قلائل يخيل للواحد منا أنه يزيد مع الأيام ويكبر، وهو فى الواقع يتلاشى ويصغر، والأيام تهدم عمره من حيث يشعر أو لا يشعر، لأن عمره محدود، وأنفاسه معدودة، وكل لحظة تمر عليه فإنما تذهب من أجله، وتنقص من عمره، وتبعده من الدنيا بقدر ما تقربه من الآخرة وما المرء إلا راكب ظهر عمره، على سفر يفنيه فى اليوم والشهر يبيت، ويضحى كل يوم وليلة بعيدا عن الدنيا، قريبا إلي القبر وليس لك أيها الإنسان من عمرك إلا ما قضيته في طاعة ربك، واستودعته عملا صالحا تجده أحوج ما تكون إليه، في يوم لا ينفع في مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
فإذا كنا سنودع رمضان بعد أيام قليلة فإن المؤمن لن يودع الطاعة والعبادة، بل سيوثق العهد مع ربه، ويقوى الصلة مع خالقه ليبقى نبع الخير متدفقا، أما أولئك الذين ينقضون عهد الله، فبئس القوم لا يعرفون الله تعالي إلا فى رمضان، فلا قيمة لطاعة تؤدى دون أن يكون لها أثر من تقوى أو خشية، فأين أثر رمضان بعد انقضائه إذا هُجر القرآن، وتركت الصلاة، وإن توبة المقصر في صيامه وصلاته، هو الاستغفار عما مضى من الإخلال والتفريط في حق الله تعالى، وحق ذلك الشهر الذى انقضى ولم يستفد منه كما ينبغى، فالاستغفار هو الدعاء بالمغفرة، وقد جاء فى حديث أبي هريرة رضى الله عنه” يغفر فيه إلا لمن أبى ” قالوا ومن يأبى يا أبا هريرة؟ من الذي أبى قال “الذي يأبى أن يستغفر الله”
وقال الحسن رحمه الله “أكثروا من الاستغفار فإنكم لا تدرون متى تنزل الرحمة” وقال واحد ممن مضى لولده “يا بني عود لسانك الاستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا” وقد جمع الله بين التوحيد والاستغفار في قوله تعالى فى سورة محمد “فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك” فعطف هذا على هذا مبينا أهميته، فقال إبليس عليه لعنة الله أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، والاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، فتختم به الصلاة، والحج، وقيام الليل، وتختم به المجالس، فإن كانت مجالس ذكر كان كالطابع عليها، وإن كانت مجالس لهو كانت كفارة لها، كان كفارة لما حصل فيها.
زر الذهاب إلى الأعلى