الثقوب السوداء وعلاقتها بمراكز المجرات
( بين الحقيقة والتصور )
بقلمي جمال القاضي
يحتوي هذا الكون الشاسع على المليارات من المجرات والتي تبلغ في عددها حوالي 100 مليار مجرة ، تختلف فيما بينها من حيث القطر والشكل تبعا لعدد النجوم التي تتكون منها وكذلك ترتيب النجوم بداخل كل مجرة من هذه المجرات ، وتعد مجرة درب التبانة واحدة من هذه المجرات والتي يبلغ قطرها 100.000 سنة ضوئية ،
ومن المعروف أن المجرة هي تجمعات هائلة من مليارات النجوم والكواكب والأقمار والكويكبات والنيازك والغبار الكوني ومادة مظلمة وبقايا نجمية ويتخللها مجالات مغناطيسية تجعل كل مافيها يدور في أفلاك محددة ،
كما أن النجوم العملاقة القديمة تتراص بمركز المجرة وتقع النجوم الحديثة بأطرافها .
لكن ماهو مركز هذه المجرات ومما يتكون ؟ وماعلاقته بالثقوب السوداء أو مايطلق عليها بالمنظفات الكونية ؟
نعلم أن النجوم تدور في مدارات دائرية حول مركز المجرة في مدارة تخضع فيها لنوعين من القوى وهما ، قوى التسارع وقوى الطاردة المركزية عند نقطة فيها تتساوى قوتين أيضا هما قوى الطرد المركزي وقوى التجاذب المغتاطيسي والتي تجعل أي جسم فضائي يدور حول غيره في فلك محدد ،
ولو ذهبنا بالتصور العلمي والذي يختلف فيه العلماء عن فهم حقيقة مركز المجرة ، والثقوب السوداء ، فهناك من ذهب قائلاً بأن الثقوب السوداء توجد بمراكز المجرات ، ومنهم من قال إنها لاتقتصر على مراكز المجرات وإنما تنتشر في المجرة .
لكن علينا أولا أن نفهم كيف تكونت هذه الثقوب السوداء ؟
ربما رأينا من قبل مايسمى بالدوامات البحرية ، إنها دوامات تنشإ نتيجة إلتقاء التيارات المائية القوية المختلفة الإتجاهات لتدور فيها المياه عند هذا الإلتقاء على هيئة حلقات دائرية عنيفة تبدو وكأنها فارغة في منتصفها عميقة ومظلمة أيضا ، فهي لاتنشأ بذاتها ، وإنما نشأت نتيجة للحركة السريعة لجسم مادي وهو المياه وسرعتها ، هذه الدوامات تصبح خطيرة عندما يقترب منها أي جسم لأنها سوف تغرقه وتهوي به إلى الأعماق وقد لايستطيع النجاة منها ،
وربما رأينا أيضا قطاراً يتحرك بسرعة فائقة يمر بجانبنا ، كم كان يخلف من ورائه تيارات هوائية شديدة ربما تسحبنا سريعاً من خلفه لو لم نكن نتمسك بجسم ثابت حتى يمر وتنتهي مرور هذه التيارات الهوائية المصاحية له .
وعلى ماسبق فإننا يمكن فهم كيفية تكوين الثقوب السوداء ( المنظفات الكونية )
نعلم أنه يوجد بقلب كل مجرة من المجرات الكونية مجموعة النجوم الفديمة الكبيرة في أحجامها ، والمتراصة بجوار بعضها كما يبدو ظاهريا رغم بعد المسافات الضوئية بينها في الحقيقة ، هذه النجوم أيضا تتميز بقوتها المغناطيسية الفائقة ، ولقربها من مركز المجرة فإنها تدور معا بسرعة كبيرة مقارنة بالنجوم التي توجد بعيدا عن أو على أطراف المجرة ، وكأنها تشبه جميعا الدوران على قرص يشبه جهاز للطرد المركزي ، هذا الدوران السريع للنجوم الداخلية ونتيجة لتقاربها من بعضها يخلف من ورائها أطيافاً مغناطيسية قوية جداً ، تبدو وكأنها دوامات مظلمة عميقة من الداخل لعمق بعيد في داخل الكون وتختلف في أقطارها من مجرة لآخرى تبعا لحجم وعدد النجوم الداخلية المتراصة في مركز كل مجرة ، إذ إن بعض هذه الثقوب يفوق في كتله آلاف المرات مقارنة بكتلة الشمس .
هذه الدوامات المغناطيسية تسمى بالثقوب السوداء وذلك نظرا لأنها فارغة من الداخل وتدور حول محورها بقوة كبيرة من تجمعات دائرية للأطياف المغناطيسية الصادرة من النجوم التي توجد في مركز كل مجرة من المجرات ،
وتعتبر هذه الثقوب منظفات كونية ، إذ أنها لديها قدرة كبيرة على إبتلاع وسحق كل مايقترب منها وتجعلها يدور ويتمدد طوليها وتجعله أيضا يتبخر في النهاية وتجعل ماكان بداخله من طاقة بعد سحقه وتبخره ويبقى في النهاية على هيئة حلقات مضيئة تحيط بهذا الثقب الأسود ، ولذلك نراه مضيئاً على جوانبه ، مظلماًَ بوسطه نتيجة لهذه الطاقة التي تتخلف بعد سحق الأجسام التي تمر بداخله أو تقترب منه من إنهيارات للنجوم أو غيرها من الأجسام الفضائية التي تتحرك بعشوائية ، ولم ينجو من هذه الثقوب أي جسم حتى أنها قادرة على جذب وامتصاص الأطياف الضوئية ،
لكن من أي تأتي هذه الأجسام الكونية التي تسحقها الثقوب السوداء ؟
يظن البعض أن الثقوب السوداء تنتشر بداخل المجرات وليس بمركزها فقط ، كيف ذلك وأن هذه الثقوب تنتج من دوران سريع لمجموعة من النجوم القريبة من بعضها البعض والتي تنتج قوة مغناطيسية كبيرة وأن هذه النجوم تبعد عن بعضها البعض كلما ابتعدنا عن مركز المجرة وأن النجوم جميعها تدور في مداراتها الدائرية حول مركز المجرة ،
إن هذه الثقوب السوداء ، لايمكن أن تكون إلا بمركز كل مجرة وهذه الثقوب هي القوى المغناطيسية والنواة القوية التي تجذب كل النجوم والكواكب وغيرها وتجعلها جميعا تدور في مداراتها المحددة ،
لكن قد يحدث إنهيارات نجمية ، أو فقدان لطاقة حركة بعض هذه الأجسام الفضائية مما يجعلها تتحرك حركة عشوائية فتصدم بغيرها ممايتسبب في إنفجارها فتتناثر مقتربة إما من هذه الثقوب السوداء فتسحقها وتبخرها وتبقى على طاقتها التي كانت قبل هذا التبخر على أطراف الثقوب لتصبح من كتلة هذه الثقوب ، إو أنها تتناثر بعيداً عن الثقوب السوداء فتلتهما الجواري الكنس والتي تنتشر بكل مجرة حيث تعد هي الآخرى في دورها يشبه الدور الذي تقوم به الثقوب السوداء مع الإختلاف في الآلية والكيفية .
وأخيرا
فإننا نعلم جميعاً أن كل النجوم بداخل كل مجرة تدور حول مركز المجرة التابعة لها ، وكل المجرات تدور معاً حول مركز الكون في دوران لاينتهي إلا أن يأذن الله وتقوم الساعة فيتوقف هذا الدوران ،
هذا المركز للكون هو ثقب أسود كبير جدا ، هو بمثابة نواة كبيرة الكون ، هو إيضا قوة مغناطيسية كبيرة جدا ، مابين جذب وطرد ، تبقي كل مايدور في مداره ، حول الدوامات الكون العميقة جدا في الفضاء الكوني ، لتبقى الثقوب السوداء مجرد فراغات ظاهرية تملؤها قوى لاترى من القوى المغناطيسية ، سيخبرنا عن أشكالها ، العلم والإكتشافات العلمية كلما مر بنا الزمان وتطورت أجهزة الرصد ، ليبقى ماخلقه الله إعجازاً يفوق تصور العقل ولايمكن لهذا العقل الصغير مهما بلغ به الفكر والتفكير أن يدركه كله على النحو والكيفية ، ليصبح مع كل يوم تشرق فيه الشمس خبراً جديداً ، هو بمثابة قطرة من بحور المعرفة التي تجعلنا نتيقن في النهاية بأن لهذا الكون خالق يدبر فيه الأمر بحكمة وقوة وقدرة لايعلم كيفيتها إلاهو ولانملك إلا أن نسجد لله تعظيما وتعبداً وإجلالاً ، قائلين سبحان الله ربنا ورب العرش العظيم.
زر الذهاب إلى الأعلى