مقالات

الدكروري يكتب عن المؤاخاة بين بن عوف وابن الربيع

الدكروري يكتب عن المؤاخاة بين بن عوف وابن الربيع

الدكروري يكتب عن المؤاخاة بين بن عوف وابن الربيع 
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وقيل أنه توفى عبد الرحمن بن عوف سنة اثنين وثلاثين من الهجرة، وصلى عليه الخليفه الراشد الثالث عثمان بن عفان،
inbound1717456398604397641
وحمل في جنازته سعد بن أبي وقاص ودفن بالبقيع عن خمس وسبعين سنة، وكان عبد الرحمن بن عوف تاجرا ثريا، وكان كريما، حيث تصدَّق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بنصف ماله والبالغ أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفا، واشترى خمسمائة فرس للجهاد، ثم اشترى خمسمائة راحلة، ولما حضرته الوفاة أوصى لكل رجل ممن بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار، وأوصى لكل امرأة من أمهات المؤمنين بمبلغ كبير، وأعتق بعض مماليكه. 
وكان ميراثه مالا جزيلا، وكان رضى الله عنه عندما هاجر إلى المدينة المنوره، فعزم سعد بن الربيع على أن يعطي عبد الرحمن نصف ماله، ويطلق إحدى زوجتيه، ليتزوج بها، فامتنع عبد الرحمن من ذلك، ودعا له، وقال عبد الرحمن دُلني على السوق، وقد روى محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أنس بن مالك قال لما قدم عبد الرحمن بن عوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، آخى بينه وبين سعد بن الربيع، قال فانطلق به سعد إلى منزله فدعا بطعام فأكلا وقال له، لي امرأتان وأنت أخي في الله لا امرأة لك فأنزل عن إحداهما فتزوجها، قال لا والله، فقال هلمّ إلى حديقتي أشاطركها، قال فقال لا، بارك الله في أهلك ومالك، دلوني على السوق، قال فانطلق عبد الرحمن فاشترى سمنا وأقطا وباع. 
قال فلقيه النبى صلى الله عليه وسلم، في سكة من سكَك المدينة وعليه وضر من صفرة، قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تزوجت؟ ” قال يا رسول الله نعم تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أولِم ولو بشاة ” ولقد ملك حب النبي صلى الله عليه وسلم، قلوب أصحابه رضى الله عنهم أجمعين حتى قادهم هذا الحب إلى أن يضحوا بأنفسهم فداء للنبي صلى الله عليه وسلم، وممن ملك الحب قلوبهم هو الصحابى الجليل سعد بن الربيع، فيقول زيد بن ثابت رضى الله عنه، بعثني النبي صلى الله عليه وسلم، يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي “إن رأيته فأقرأه مني السلام، وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كيف تجدك؟” 
فيقول زيد بن ثابت فطفت بين القتلى فأصبته وهو في آخر رمق، وبه سبعون ضربة فأخبرته فقال على رسول الله السلام وعليك، قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار”لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيكم شفر يطرف” وقال زيد وفاضت نفسه رضى الله عنه، ونقل ابن عبد البر عن مالك بن أنس رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من يأتينا بخبر سعد؟” فقال رجل أنا، فذهب يطوف بين القتلى فوجده، وبه رمق، فقال له بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، لآتيه بخبرك، قال “فاذهب فأقرأه مني السلام وأخبره أنني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وقد أنفذت مقاتلي، وأخبر قومك أنه لا عذر لهم عند الله إن قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواحد منهم حي” 
فهو من الصحابة الأخيار، فهو في تلك اللحظات التي يودع فيها الدنيا لم يفكر في زوجته ولا في أولاده، وإنما ظل فكره مشغولا بمصير الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أنساه حبه العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم، كل شيء حتى نفسه، وظل حتى فارق الدنيا وهو شديد الخوف على النبي صلى الله عليه وسلم، وشديد الحرص على أن لا يمس بسوء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock