مقالات

الدكروري يكتب عن بيعة الرضوان دروس وعبر

دروس وعبر

الدكروري يكتب عن بيعة الرضوان دروس وعبر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية، الكثير والكثير عن بيعة الرضوان في صلح الحديبية، ولقد برزت عِبر ودُرر بيعة الرضوان بمنتهى التميز والإجلال، فالمسلمون الذين بايعوا الله سبحانه وتعالى، على الموت في سبيله، قد رسّخوا مفاهيم الإخلاص، وتعاليم الثبات بأصدق مما قد يتخيله المسلم، فكانت موازين عدل ونور للبشرية جمعاء، ومما برز من تلك العبر والدروس هو أنه قد بينت البيعة أعظم مقصود في حياة المؤمن بأن تكون حياته خالصة لله تعالى، بجميع الأفعال والأقوال، وقد أظهر أصحاب البيعة أجل معاني البِر، والتضحية، والبذل في سبيل رضا الله عز وجل، وهذا المقصود هو أصل إيمان المؤمن، وتنبني عليه جميع المعادلات الربانية الخالصة لله سبحانه وتعالى، فحياته، ومماته، وعبادته لله رب العالمين، فهو حين يقوم لله بقلبه يكسب العزيمة والثبات في شتى مواقف حياته.
فيسمو قلبه لله تعالى، معلنا تماما عن غايته العظمى، تحقيقا لقول الله سبحانه تعالى “قل إن صلاتى ونسكى ومحياي ومماتى لله رب العالمين” وذلك هو ما فعله أهل البيعة رضي الله عنهم أجمعين، إذ قاموا بقلوبهم لله رب العالمين، متناسين الحياة بما فيها من ملذات وشهوات، ولذلك كتب الله لهم الفتح، لصدقهم، وسمى صلح الحديبية بالفتح المبين، فقال الله تعالى “إنا فتحنا لك فتحا مبينا” فقد كان قرار المسلمين في البيعة أكيدا لا رجعةَ عنه، واختاروا الموت في سبيل الله، وعلى الرغم من أنهم لا سلاح معهم للقتال إلا سلاح السفر المتواضع، إلا أنهم أحبوا الموت على أن يتراجعوا، فأي قوم يمكن مجابهتهم، وهم الذين أرادوا الموت لا الحياة، فكان حرصهم على الموت كحرص عدوهم على الحياة.
وهو إبرام قرار الموت مع أنفسهم، فقد اختار المسلمون الموت ولم يموتوا، فكانت لهم الحياة دون الموت، ووُهبت لهم الحياة من جديد، وبنصرة وتمكين عظيمين، فما أجمل أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيعين بعضنا بعضا على متطلبات الحياة وأعبائها، وشؤونها وواجباتها، ولقد جاءت نصوص شرعية تظهر أهمية التكافل الاجتماعي في المجتمع، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في التكافل مع أهله والأقربين أسوة يقتدى، ومثالا يحتذى، ورغب صلى الله عليه وسلم في التصدق على الفقراء، وبين أن أهل الحاجة منهم أولى من غيرهم فقال صلى الله عليه وسلم “خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول” وحث الشرع الحنيف على التكافل المادي مع ذوي الأرحام.
فضاعف الأجر لمن وصلهم، أو تكفل بهم، أو تضامن معهم على متطلبات الحياة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة” وتتسع دائرة التكافل الاجتماعي لتشمل الجيران، وذلك بحسن معاملتهم، ومشاركتهم أفراحهم، ومؤازرتهم في أحزانهم، والإهداء إليهم، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك” وذلك لما للهدية والهبة من دور مهم في تقوية النسيج الاجتماعي وإشاعة روح الألفة والمودة بين الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تهادوا تحابوا” فما أرحمه من دين، يحرص على المحبة بين القلوب، والمودة بين أفراد المجتمع.
والتكافل والترابط فيما بينهم، وتمتد مظلة التكافل فيه لتشمل العطف على الفقراء، والرحمة بالمساكين والضعفاء والأيتام، قال الله تعالى ” فأما اليتيم فلا تقهر”

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock