مقالات

أزمة فقد لا مفر منهاشبكه اخبار مصر

أزمة فقد لا مفر منها شبكه اخبار مصر

أزمة فقد لا مفر منها شبكه اخبار مصر 
                                                                           د. إيمان عشري
لاشكّ أن فقدان شخص عزيز عليك هو أمر صعب للغاية، ومن الطبيعي أن تشعر بالحزن والاستياء والألم العاطفي والشوق الدائم للمتوفَّى وصعوبة تقبل الموت لمدة قد تستمر ستة أشهر على الأقل بعد الفقد. لذا لا تغضب من نفسك أو تجلد ذاتك لأنك تحسّ على هذا النحو.
حدادا على وفاة زوجته، وصف كاتب القرن العشرين سي إس لويس الحزن بأنه “حاجز غير مرئي بينه وبين العالم”. بالنسبة لمعظم الناس، يزول هذا الحاجز مع مرور الوقت، لكن بالنسبة للبعض الآخر، يستمر ألم موت أو فقد شخص عزيز لديك لسنوات طويلة. الجميع سيتعرَّض لهذه الأزمة، أو ربما قد تعرَّض لها سلفا، أزمة أن تمتد يد الموت لتأخذ شخصا مُقرَّبا منك وتبعده عنك. هذه أزمة غير محصورة بفئة مُحددة، كلنا فقدنا أشخاصا نحبهم في مرحلة ما من مراحل حياتنا، وغالبا ما يُصيبنا ذلك الشعور أننا لا نستطيع المُضي قُدما في حياتنا.
 الحزن هو رد الفعل الطبيعي على أي شكل من أشكال البعد أو الفقد، ويشمل الحزن مجموعة من المشاعر تتراوح من الحزن العميق وتصل إلى الغضب في بعض الأحيان. تختلف عملية التكيف والتعامل مع خسارة الفقد من شخص إلى آخر، وفقا لعدّة عوامل، منها: خلفية هذا الشخص أو معتقداته، ودرجة تعلقه بمَن فقد.
بعد أي فقد تبدأ عملية تُعرف باسم “مراحل الحزن”، وهي عملية تشتمل على خمسة مراحل، أشارت إليها الطبيبة النفسية السويسرية إليزابيث كوبلر في كتابها الصادر بعنوان “On Death and Dying”. تبدأ بمرحلة “الإنكار”، التي تتضمَّن إقناع الشخص ذاته بأن ما حدث لم يحدث، أتذكر أبنتي يوم وفاة والدها تطلب منا العودة للبيت سريعا لأن أباها ينتظرها هناك!
 ثم، تأتي المرحلة الثانية، وهي مرحلة “الغضب”. فقد نشعر بالعديد من التقلبات المزاجية كأن تتشاجر مع مَن حولك لأسباب تافهة، أو قد تصرخ لأنك عالق في زحمة المرور. 
بعد ذلك تأتي مرحلة “الشعور بالذنب”. خلال تلك الفترة، حيث يعتقد الفرد بأنه كان يمكنه تغيير ما حدث فقد يرغب في العودة بالزمن لكي يفعل شيئا لم يكن يفعله، أو يتراجع عن فعل شيء ما، فيقول “يا ليتني كنت فعلت هذا الشيء قبل رحيل آبي أو أمي “!
المرحلة الرابعة هي مرحلة “الاكتئاب”، تأتي بعد مرور بعض الوقت. يجد الشخص نفسه يبكي باستمرار، وقد يُعاني من فقدان في الشهية وعدم القدرة على النوم والآلام الجسدية التي قد لا يعرف لها الأطباء سببا. بعدها بفترة، تبدأ المرحلة الخامسة والأخيرة من مراحل الحزن وهي “تقبل الفقد” أو الاعتراف بالفقد. في هذه المرحلة قد تشعر ببعض السلام، لكنك ما زلت تشعر ببعض الحزن. تقبل خسارة الأشخاص لا يعني أنك لم تعد حزينا عليهم؛ بل يعني أنك تحاول التعايش والتأقلم مع سنة الحياة.
المراحل السابقة ليست قالبا ثابتا للجميع، فلا يمر كل شخص بهذه المراحل الخمس بطريقة خطية، فمثلا قد يقع بعض الأشخاص بمرحلتي الغضب والاكتئاب معا، وهناك من لا يستطع الوصول إلى مرحلة القبول.
فلتحاول التكيُّف مع عالم خالٍ من هذا الفقيد الذي تحبه، بتحمُّل المسؤوليات أو تعلُّم مهارات جديدة، بالإضافة إلى إجراء بعض التعديلات الروحية لمواجهة الأسئلة والمعتقدات في خضم الشروع في حياة جديدة، سيُخلَق ذلك تدريجيا التوازن بين تذكُّر هذا الشخص الذي مات أو فقد والعيش حياة جديدة ذات مغزى.
ويمكن أن تكون “الكتابة” عن الاضطرابات العاطفية حلا للتعامل مع مشاعر الحزن فتُحسِّن الصحة الجسدية والعقلية. وكذلك الدعم الاجتماعي المستمر يساعد على تجاوز مرحلة الفقد فالعزلة ستؤخر التعافي، ويتم الدعم بالبقاء على تواصل دائم مع الأهل والأصدقاء من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل الإيجابية ودردشة الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي حتى يتم التكيُّف مع الحياة الجديدة التي تخلو من وجود هذا الشخص العزيز.
                             “لا اراكم الله مكروها فيمن تحبون” 
                                                                                                          
أستاذ العلاقات العامة والإعلان جامعة الملك سعود ورئيس لجنة الإعلام السياحي – النقابة المهنية للسياحيين بالمملكة العربية السعودية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock