د. محمد حجازي يكتب :مصر وتحديات الحاضر والمستقبل
تمر مصر بفترة نراها الأخطر عبر تاريخ مصر الطويل ، وذلك لفرط ما تواجهه مصر من تحديات داخلية وإقليمية ودولية ، تهدد وبقوة استقرار الدولة المصرية
إن مصر تحارب في جبهات عديدة من أجل توفير اسباب الأمن القومي وعناصر قوة الدولة في ظل مناخ عالمي متوتر .
معلوم أن الدولة المصرية واجهت عدة تحديات كبرى على كافة الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية و علي كافة المستويات، سواء تحديات اقتصادية أو خدمية، أو تحديات تخص الأمن القومى ولاسيما الامن القومي الحدودى والأمن القومى المائى
فمن الناحية الاقتصادية تواجه الدولة المصرية تحديات البطالة والفقر والتضخم الجامح والركود التضخمي ووجود فجوة في الإنتاج وعجز في ميزان المدفوعات وعجز في الموازنة العامة وضعف في مصادر التمويل الوطنية .
وعلي مستوي الخدمات تستهدف الدولة المصرية تطوير الخدمات التعليمية والصحية وخدمات النقل والإسكان
وفي سبيل توفير اسباب الأمن القومي الشامل ، سعت الدولة المصرية الي امتلاك عناصر قوة الدولة ( القوة الاقتصادية – القدرة العسكرية المتطورة – القدرة الدبلوماسية – التنمية البشرية المتواصلة – الأرادة الوطنية – التخطيط الاستراتيجي )
إلا أنها استطاعت بعزيمة الرجال خلال السنوات الماضية من مواجهة تلك الصعاب والتعامل معها بقوة الإرادة والصمود نحو مستقبل مشرق، مهما كانت المؤامرات والمصاعب، لتعلن القيادة السياسية ومن خلفها الشعب المصرى، إنها ضد الانكسار والهزيمة.
فمن منا ينسى الأزمات الطاحنة التى واجهها المصريون بعد 2011 من نقص في السلع التموينية والغذائية والبترولية، وغياب الأمن والأمان، وضعف البنية التحتية وتهالكها، وانتشار العشوائيات، ليصبح المصريون بين المطرقة والسندان، يا قبول وضع تحكمه حلول “المسكنات” كما كان الحال في العقود السابقة، أو قبول التحدى وهزيمة المستحيل، فكان الاختيار هو قبول التحدى، فكانت ضربة البداية تمويل مشروع قناة السويس الجديدة، الذى أثبت المصريون أنهم قاهرون المستحيل بعد التنافس في التمويل، وإنهائه فى عام واحد، ليقف العالم كله مشيدا بإرادة المصريين وعظمة المشروع.
ثم تأتى العظمة الحقيقية في قبول قرارات الإصلاح الاقتصادى، رغم المعاناة والصعاب ووسط حملات من قوى الشر من التشكيك والتضليل، لكن الإيمان بالتحدى جعل المصريون يواجهون هذا الأمر بالصمود والتحمل، وانطلق برنامج الإصلاح الاقتصادى، ليثبت الشعب بأنه بطل تلك المرحلة، ليقدر له الله أن يُجنى ثمار هذا الإصلاح وخاصة في أزمة كورونا التي هددت أعظم الاقتصاديات العالمية، إضافة إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية
وقد شهدنا تحقيق عدة مكاسب كبيرة للاقتصاد المصرى، أهمها قدرة المنتجات المصرية على المنافسة، وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب، ووصول الاحتياطي النقدى لأكبر رقم في تاريخ مصر بقيمة 45 مليار دولار 2020، وكذلك تحقيق طفرة متميزة في قطاع الصحة والتعليم، والبنية التحتية، وما يحدث في مبادرة حياة كريمة خير شاهد من تغيير حياة 58 مليون مواطن ريفى.
وما يدعو حقا للفخر، أن وسط هذه التحديات، كان شعار “يد تحمى ويد تبنى” حاضر بقوة فى معركة حماية الأمن القومى ومواجهة التداعيات غير المسبوقة التى تعيشها المنطقة، وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب، تزامنا مع الدخول في معركة إعادة بناء مصر من جديد، ليثبت المصريون أنهم على قدر الثقة في المعركتين، فها هي عملية شاملة للقوات المسلحة فى سيناء لتطهير أرض الفيروز من أعداء الوطن، وها هى بشائر الخير والأمل، تهل بعد اكتشاف أكبر حقل غاز فى البحر المتوسط، “حقل ظهر”، وتأسيس أقوى تحالف إقليمى “منظمة غاز شرق المتوسط”،
الجدير بالذكر أنه بعد 2011 كانت مصر تستورد غاز بـ 300 مليون دولار شهريا ، غير أن مصر بدأت تصدير الغاز الطبيعي بـ 500 مليون دولار شهريا ومتوقع زيادة هذه الكمية خلال الفترة المقبلة، إلى جانب حصول الأجانب على مستحقاتهم التي تراكمت بعد 2011.
ان اسهامات حقل ظهر هي :
1- ساهم في توفير 300 مليون دولار شهريا
2- تصدير غاز للخارج
3- نجاح الدولة في القضاء على العشوائيات
4- تحسين وتطوير البنية التحتية
5- وإنشاء موانئ مصرية على أعلى مستوى لجذب الاستثمارات الأجنبية.
بالاضافة الي بناء مدن للجيل الرابع كالعاصمة الإدارية الجديدة والعلمين والجلالة والمنصورة الجديدة والمنيا الجديدة وشرق بورسعيد . واستحداث شبكة طرق ومواصلات، وكذلك الاهتمام بمنظومة الدعم وبرامج الحماية الاجتماعية..
واخرا وليس اخيرا انضمت مصر الي تكتل البريكس الذي يضم الهند والصين وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا ،والذي يستأثر بربع الانتاج العالمي
والجميل، أيضا أن الدولة المصرية لم تنسى العمود الفقرى للأمة، وهم الشباب، فحرصت كل الحرص على توليهم المناصب القيادية مبكرا وبالفعل رأينا محافظا شابا ومحافظة شابةونائبا للوزير شابا،
وعلي المستوي التشريعي حصلت المراة علي 162 مقعد في مجلس النواب ، كما حصلت علي 30 مقعد في مجلس الشيوخ ،وهناك 6 وزيرات في الحكومة الحالية . كما حرصت الدولة على تمكين المرأة لتصل للريادة خلال السنوات الماضية، حيث تولت كافة المناصب ومثلت بأكبر تمثيل فى تاريخ البرلمان 192 مقعدا ، وأخير قرارات الرئيس بتعيينها في مجلس الدولة والنيابة العامةوهيئة قضايا الدولة .
وختاما، نقول إن ما تشهد مصر الآن بمثابة انتزاع مكانة لمصر في عالم متغير ، بعد أن تم استعادة ريادتنا من جديد في المنطقة، وعادت إلينا كلمتنا المسموعة من جديد، ليعود من ظنوا أنهم قادرون إلى أماكنهم، وتستمر مصر في ظل قياداتها السياسية في الانتصار لوطنها ولأمتها لتثبت للعالم إنها التاريخ والحاضر والمستقبل..