مقالات

الدكروري يكتب عن موت الصحابة في الطاعون

الدكروري يكتب عن موت الصحابة في الطاعون

الدكروري يكتب عن موت الصحابة في الطاعون
بقلم / محمـــد الدكـــروري
روى عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال في طاعون عمواس ” إن هذا الطاعون قد وقع، فمن أراد أن يتنزه عنه فليفعل” ثم مات أبو عبيدة بن الجراح، وكذلك مات يزيد بن أبي سفيان الذى كان ذاهبا مع أخيه معاوية إلى قيسارية لحصارها قبل انتشار
الطاعون، وأثناء ذلك أصيب يزيد بالطاعون، فاستخلف عليها معاوية وعاد هو إلى دمشق، فمات هناك، ووصل إلى عمر خبر وفاة أبي عبيدة ويزيد بن أبى سفيان، فأمَّر معاوية بن أبى سفيان على جند دمشق وخراجها، وأمَّر شرحبيل بن حسنة على جند الأردن وخراجها، وبعد خطبة عمرو بن العاص وأبى موسى الأشعري ونصيحتهم الناس أن يتفرقوا إلى الشعاب والأودية زال الطاعون ولكن كانت حالة المسلمين وجيوشهم في وضع قلق.
بسبب كثرة الوفيات بين المسلمين، حتى اختار الناس في المواريث من كثير الموتى، وكذلك طمع أعداء المسلمين في الكر عليهم، واستغلال انشغالهم بالوباء لذلك قرر عمر أن يذهب إلى الشام بنفسه عن طريق أيلة بعد أن انقضى الطاعون، ويقول ابن كثير الدمشقى عن قدوم عمر إلى الشام “طابت قلوب الناس بقدومه، وانقمعت الأعداء من كل جانب لمجيئه إلى الشام ولله الحمد والمنة” وكان أول ما فعل فور قدومه للشام أن قسَّم مواريث الذين ماتوا لما أشكل أمرها على الأمراء، كما إنه قسّم الأرزاق وسمّى الشواتى والصوائف وسدّ فروج الشام وثغورها، واستعمل عبد الله بن قيس الحارثي على السواحل، ومعاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها، وشرحبيل بن حسنة على جند الأردن، وقيل أن شرحبيل توفى في الطاعون.
وأن عمر عزله عن ولاية الأردن قبل وفاته، وولى مكانه معاوية الولاية العامة للشام فقال له شرحبيل “يا أمير المؤمنين، أعجزت أم خنت؟ قال لم تعجز ولم تخن، قال فلم عزلتنى؟ قال تحرجت أن أؤمرك وأنا أجد أكفأ منك، قال فاعذرني يا أمير المؤمنين في الناس، قال سأفعل، ولو علمت غير ذلك لم أفعل، فقام عمر فعذره، وقد ذكر سيف بن عمر أن قدوم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان في آخر السنة السابعة عشر من الهجرة وهو رأى من يقول بأن الطاعون كان فى السنة السابعة عشر من الهجرة على خلاف المشهور، وأنه لمَّا أراد القفول إلى المدينة في ذى الحجة منها، خطب في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال “ألا إني قد وليت عليكم وقضيت الذى علي فى الذي ولاني الله من أمركم إن شاء الله.
فبسطنا بينكم فيأكم ومنازلكم ومغازيكم، وأبلغناكم ما لدينا، فجندنا لكم الجنود، وهيأنا لكم الفروج، وبوأنا لكم ووسعنا عليكم ما بلغ فيؤكم، وما قاتلتم عليه من شامكم، وسمينا لكم أطعماتكم، وأمرنا لكم بأعطياتكم وأرزاقكم ومغانمكم، فمن علم منكم شيئا ينبغي العمل به فليعلمنا نعمل به إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله” ولما جاء وقت الصلاة، قال الناس لو أمرت بلال فأذن؟ فأمره فأذن، يقول سيف ” فلم يبق أحد كان أدرك رسول الله وبلال يؤذن إلا بكى حتى بل لحيته، وعمر أشدهم بكاء، وبكى من لم يدركه لبكائهم ولذكره، وكانت هذه السنة هي آخر قدوم لعمر إلى الشام.
ولقد اختلف المؤرخون في أعداد الموتى فى الطاعون ما بين خمسة وعشرين ألفا إلى ثلاثين ألفا، وقال الواقدى توفى فى طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة وعشرون ألفا، وقيل ثلاثون ألفا، بينما قال الزمخشرى قولا شاذا لم يرد عند غيره فقال إن هذه الآفة ظهرت فى طاعون عمواس في خلافة عمر فمات منها سبعون ألفا في ثلاثة أيام، وقد مات عدد كبير من الصحابة في هذا الطاعون أشهرهم أمير أجناد الشام أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل وزوجتيه وابنه عبد الرحمن، ويزيد بن أبى سفيان، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل، وضرار بن الأزور، وأبو جندل بن سهيل وأبو مالك الأشعرى، وقيل الحارث بن هشام، وقيل شرحبيل بن حسنة أيضا وغيرهم، وقيل أن الحارث بن هشام بن المغيرة خرج في سبعين من أهله إلى الشام، فلم يرجع منهم إلا أربعة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock