الدكروري يكتب عن سعد والتكبيرة الرابعة في القادسية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر التاريخية أنه من فوق قصر قديس، رأى القائد سعد بن أبي وقاص بنظرته الحربية أنه لو أطلق التكبيرة الرابعة لهجمت الفرق الإسلامية على فرقة الجالينوس وفرقة الهرمزان، مما يعطي الفرصة لبقية فرق الفرس المنتظرة دون قتال بقيادة مهران
والبيرزان وبهمن للالتفاف حول الجيش الإسلامي ومقاتلته من الخلف، فخشي سعد بن أبي وقاص من إطلاق التكبيرة الرابعة إلا بعد اشتراك هذه الفرق في القتال حتى تواجههم الفرق الإسلامية وجها لوجه، ولا تلتف خلف الجيش الإسلامي، فيصبر سعد بن أبي وقاص حتى يرى ما تنتجه الأحداث، وتثبت بجيلة ولكن الأمر في غاية الصعوبة، فأعداد الفرس ضخمة وهجوم الأفيال شديد جدا، وقد ألقى الفرس تحت أرجل خيول المسلمين حسك الحديد .
وهى قطعا تشبه الخوازيق، فكان هذا الموقف من أشد المواقف على المسلمين، وفي الوقت نفسه أرسل سعد بن أبي وقاص رسالة إلى قبيلة أسد أن أغيثوا بجيلة وهي على يمين بجيلة مباشرة، وقبل أن تتحرك قبيلة أسد لنجدة بجيلة، كانت الفرق الفارسية قد توجهت إلى عمق قطاع بجيلة وفي قطاع كندة أيضا على يسار بجيلة، وعانت القبيلتان من السهام والسيوف الفارسية، ولما وصلت الرسالة إلى قبيلة بني أسد قام طليحة بن خويلد الأسدي وخطب في الناس، وقال لهم لو يعلم سعد قوما أجدر منكم على إغاثتهم لاستغاثهم، وإنما سميتم أسدا لتفعلوا فعله، فقاتلوا كما تقاتل الأسود، وكانت لهذه الكلمة أثر السحر في نفوس قبيلة أسد، فقامت وهجمت على فرقة الجالينوس لتذب عن بجيلة الرماح والسهام والسيوف الفارسية.
وألقى الله في قلوبهم الثبات، وقاتلت قبيلة “أسد” أشد ما يكون القتال مما جعل العجب يدخل إلى نفوس أهل المعركة، وبعد هذه الهجمة من قبيلة بني أسد وجد الهرمزان والجالينوس أن الهجوم يأتي من ناحية قبيلة أسد، فوجهوا القتال ناحيتها، وفي أثناء القتال قام الأشعث بن قيس في قبيلة كندة التي كانت على ميسرة الجيش الإسلامي، وكان الأشعث في الوفد الذي ذهب إلى يزدجرد، وكان قد ارتد من قبل، وزوجه الخليفة أبو بكر الصديق أخته أم فروة بعد أن اطمأن إلى إسلامه، فقال لهم يا معشر كندة، لله درّ بني أسد أي فري يفرون، أي ما أشد قتالهم، فقال لهم يا معشر كندة، لله درّ بني أسد أي فري يفرون، أي ما أشد قتالهم، منذ اليوم أغنى كل قوم ما يليهم، وأنتم تنتظرون من يكفيكم البأس، فتحمست كندة.
وخرج له أهل النجدة، وتحولت قبيلة كندة من الدفاع إلى الهجوم ضد القوات الفارسية لتذب عن قبيلة بجيلة وقبيلة أسد، والتفت القبائل الثلاثة حول الفرقتين الفرسيتين بقيادة الهرمزان والجالينوس، ولضيق المكان لم يتمكن الجيش الفارسي من الالتفاف حول الجيش الإسلامي، وكانت مشكلة الجيش الفارسي أن صفوفه كانت متكدسة في الطول، وعرضهم كان موازيا لعرض المسلمين، ودارت رحى المعركة على قبيلة بجيلة وأسد، وقبيلة كندة التي كانت تحاول مساعدة المسلمين، ولما رأى رستم ما حلّ بجيشه أمر بهمن جاذويه قائد القلب أن يترك مكانه، ويتقدم ناحية قبيلة أسد، فيتقدم بهمن على رأس عشرين ألف مقاتل وخمسة أفيال إلى قبيلة أسد مهاجما، وللمرة الثانية بدأت الكفة ترجح في ناحية الفرس.
زر الذهاب إلى الأعلى