الدكروري يكتب عن حكيم بن جبلة في التأريخ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكر في كتاب الاستيعاب وهو كتاب في معرفة حياة الصحابة للحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله النمري المعروف بإبن عبد البر ويعتبر الكتاب من أول الكتب التي تكلمت عن الصحابة الكرام، فقيل أنه كان حكيم بن جبلة ممن يعيب عثمان من اجل عبد الله بن عامر وغيره من عماله ولما قدم الزبير وطلحة والسيدة عائشة البصرة وعليها عثمان بن
حنيف واليا لعلي بن أبي طالب بعث عثمان بن حنيف، حكيم بن جبلة العبدى، في سبعمائة من قبيلة عبد، وعن سيف بن عمر التميمي وهو أعرف المؤرخين بتاريخ العراق على ما نقله عنه الطبري أن حكيم بن جبلة كان إذا قفلت الجيوش خنس عنهم فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة ويتنكر لهم ويفسد في الأرض ويصيب ما شاء ثم يرجع.
فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر أن احبسه ومن كان مثله فلا يخرجن من البصرة حتى تأنسوا منه رشدا، فحبسه أي منعه من مبارحة البصرة، فلما قدم عبد الله بن سبأ البصرة نزل على حكيم بن جبلة، واجتمع إليه نفر، فنفث فيهم سمومه، فأخرج ابن عامر عبد الله بن سبأ من البصرة، فأتى الكوفة فأخرج منها، ومن هناك رحل ابن سبأ إلى الفسطاط ولبث فيه وجعل يكاتبهم ويكاتبونه ويختلف الرجال بينهم، وذكر الطبري أن السبأية لما قرروا الزحف من الأمصار على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم كان عدد من خرج منهم من البصرة كعدد من خرج من مصر، وهم مقسمون كذلك إلى أربع فرق، والأمير على إحدى هذه الفرق هو حكيم بن جبلة.
ونزلوا في المدينة في مكان يسمى ذا خشب، ولما حصبوا أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وهو يخطب على المنبر النبوي الشريف كان حكيم بن جبلة واحدا منهم، وقيل أنه لما رحل الثوار عن المدينة في المرة الأولى بعد مناقشتهم لعثمان وسماعهم دفاعه واقتناعهم، تخلف في المدينة الأشتر وحكيم بن جبلة وفي ذلك شبهة قوية بأن لهما دخلا في افتعال الكتاب المزور على أمير المؤمنين، ولما جاءت عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة وأوشكوا أن يتفاهموا مع أمير المؤمنين علي بن أبى طالب، على رد الأمور إلى نصابها كان حكيم بن جبلة هو الذي أنشب القتال لئلا يتم التفاهم والاتفاق وقد ارتكب دناءة قتل امرأة من قومه سمعته يشتم أم المؤمنين السيدة عائشة فقالت له يا ابن الخبيثة أنت أولى بذلك.
فطعنها فقتلها، وحينئذ تخلى قومه عن نصرته إلا الأغمار منهم، وما زال يقاتل حتى قطعت رجله ، ثم قتل وقتل معه كل من كان في الواقعة من البغاة على عثمان، ونادى منادى الزبير وطلحة بالبصرة، ألا من كان في الواقعة من قبائلكم أحد ممن غزا المدينة فليأتنا بهم، فجئ بهم كما يجئ بالكلاب فقتلوا، فما أفلت إلا حرقوص بن زهير السعدي من بني تميم، وقد روى عامر بن حفص عن أشياخه قال ضرب عنق حكيم، رجل من الحدان يقال له ضخيم فمال رأسه فتعلق بجلده فصار وجهه في قفاه، وكان ذلك في شهر ربيع الآخر لخمس ليالى بقين منه من سنة سته وثلاثين من الهجرة.
زر الذهاب إلى الأعلى