مقالات

الدكروري يكتب عن مجريات قصة نبى الله هود

الدكروري يكتب عن مجريات قصة نبى الله هود

الدكروري يكتب عن مجريات قصة نبى الله هود
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد وقعت مجريات قصة نبى الله هود عليه السلام في منطقة اسمها الأحقاف، وهى جمع حقف، وهو الجبل من الرمل، وهي منطقة تعرف اليوم باسم الربع الخالي في أرض الجزيرة العربية، ما بين عُمان وحضرموت، ونبى الله هود عليه السلام أرسله الله عز وجل إلى قوم عاد الذين كانوا يعيشون في الأحقاف

inbound8029712837531020510

 ما بين اليمن وعمان، وقد عاشوا ردها من الزمن في حياة هنية ورغد من العيش، وقد حباهم الله سبحانه وتعالى نعما وافرة وخيرات جليلة ففجروا العيون، وزرعوا الأرض وأنشؤوا البساتين وشيدوا القصور، وخصهم الله عز وجل فوق ذلك كله بسطة في أجسامهم، وقوة في أبدانهم، وآتاهم ما لم يؤتى أحدا من العالمين، ولكنهم لم يفكروا في مبدأ هذا الخلق ولم يحاولوا التعرف إلى مصدر هذه النعم.

وغاية ما وصلت إليه عقولهم وارتاحت إليه طباعهم أن اتخذوا أصناما لهم آلهة، يخضعون لها جباههم ويعفرون في ثراها خدودهم ويتوجهون إليها بالشكر كلما وقعوا على خير، ويفزعون إليها كلما أصابهم ضير، ثم إنهم بعد ذلك أفسدوا في الأرض، فأذل القوي منهم الضعيف، وبطش الكبير بالصغير، فأراد الله عز وجل، هداية للأقوياء وتمكينا للضعفاء وتهذيبا للنفوس مما ران عليها وغطاها من الجهل، ورفعا للحجب التي تراكمت على بصائرهم أن يرسل إليهم رسولا من أنفسهم يحدثهم بلغتهم، ويخاطبهم بأسلوبهم، ويرشدهم إلى خالقهم، ويبين لهم سفاهة عبادتهم رحمة من الله عز وجل وكرما، وكان هو عليه السلام رجلا من أوسطهم نسبا، وأكرمهم خلقا، وأرجحهم حلما، وأرحبهم صدرا.

فاختاره الله ليكون أمين رسالته، وصاحب دعوته، لعل الله يهدي به هذه العقول الضالة، ويقوّم هذه النفوس المعوجة، فصدع بالأمر، وتحمل الرسالة يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، بعزم يقلقل الجبال، وحلم يهزم الجهال، وخرج عليهم منكرا أصنامهم ومسفها عبادتهم لها، فقال عليه السلام لهم ما هذه الأحجار؟ التي تنحتونها ثم تعبدونها وتلجؤون إليها؟ ما نفعها وما ضرها؟ هل تغني عنكم من الله شيئا؟ هل تجلب لكم نفعا أو تدفع عنكم شرّا؟ إن هذا إلا ازدراء لعقولكم وامتهان لكرامتكم، وقال لهم إن هناك إلها حقيقيا أحق أن تعبدوه، وربّا جديرا بأن تتوجهوا إليه، هو الذي خلقكم ورزقكم، وهو الذي أحياكم وهو الذي يميتكم، مكن لكم في الأرض، وأنبت لكم الزرع، وبسط لكم في الأجسام.

وبارك لكم في الأنعام، فآمنوا به واحذروا أن تعموا عن الحق أو تكابروا في الله فيصيبكم ما أصاب قوم نوح، وما عهدهم منكم ببعيد، فقال لهم ذلك راجيا أن تصل كلماته إلى أعماق نفوسهم فيؤمنوا بالله تعالى ويهتدوا إلى عبادته، ولكنه رأى عيونا حائرة، حيث سمعوا كلاما لم يكونوا قبل قد سمعوه، وقولا لم يألفوه، فقالوا ما هذا الذي تهذي به؟ وكيف تريد أن نعبد الله وحده من غير شركاء، إننا نعبد هذه الأصنام لتقربنا إلى الله وتشفع لنا عنده، وقال لهم يا قوم إنما الله إله واحد لا شريك له، هو المستحق للعبادة، وهو قريب غير بعيد، أما هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله وتريدون شفاعتها وأن تقربكم إلى الله زلفى فإنها تبعدكم عنه من حيث ظننتم أنكم إليه تقتربون، وتدل على جهلكم في الوقت الذي تظنون فيه أنكم تعلمون وتفهمون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock