دين ودنيا

الدكروري يكتب عن نبي الله صالح مع قوم ثمود

بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما أرسل الله عز وجل نبيه صالح عليه السلام إلي قوم ثمود، وأمرهم باتباع الله عز وجل، فقالوا له، أتنهانا أن نعبد ما كان يعبد آباؤنا، وقد درجنا عليه، ونشأنا مُستمسكين به، إننا لفي شك مما تدعونا إليه مُريب، لا نطمئن إلى قولك، ولا نثق بصدق دعوتك، ولن نترك ما وجدنا عليه آباءنا ونميل مع هواك وزيغك، فحذرهم صالح عليه السلام من مخالفته، وأعلن فيهم رسالته، وذكرهم بما أسبغ الله سبحانه وتعالى عليهم من نعمه، وخوّفهم بأسه وبطشه، وأبان لهم أنه لا يقصد من وراء دعوته إلى نفع، ولا يطمع في مغنم، ولا يتطلع إلى رياسة، وهو لم يسألهم أجرا على الهداية، ولا يطلب جزاء على النصيحة، وإنما أجره على الله رب العالمين، درءا لكل شبهة قد تساور نفوسهم، ودفعا لكل شك قد يجول في خواطرهم.
فآمن به بعض المستضعفين من قومه، أما الملأ الذين استكبروا فأصروا على عنادهم، وتمادوا في طغيانهم، واستمسكوا بعبادة أوثانهم، وكان قوم صالح عليه السلام، مجتمعين يوما في ناديهم، فجاء إليهم كي يدعوهم إلى الله تعالى ويحذرهم من عذابه ويعظهم، فقالوا له “إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة، وأشاروا إلى صخرة هناك ناقة، وذكروا أوصافا سموها، ونعتوها، وتعنتوا فيها، وأن تكون عشراء طويلة، من صفتها كذا وكذا” فأجابهم صالح عليه السلام “أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم، أتؤمنون بما جئتكم به، وتصدقوني فيما أرسلت به ؟ قالوا نعم، فقام النبي صالح عليه السلام وتوجه إلى صلاته، وأخذ يدعو الله تعالى أن يجيب طلب قومه، وأن يُخرج لهم ناقة من الصخرة.
فاستجاب الله تعالى له وأخرج من الصخرة ناقة عشراء عظيمة كما طلبوا تماما، وقال النبي صالح عليه السلام لقومه “هذه ناقة الله لكم” حيث نسب الناقة لله تعالى من باب التشريف والتعظيم، فلما رأوها، آمن الكثير منهم، لكن الكثير بقوا في كفرهم وعنادهم وضلالهم، وجحدوا وظلموا ولم يتبعوا طريق الحق، وجاء رجل منهم اسم قدار بن سالف، وعرضت امرأة عليه بناتها الأربعة مقابل أن يعقر الناقة، فذهب وانتدب شابين ليعقروها، وانضم إليهما سبعة، فأصبحوا تسعة، الذين ورد ذكرهم في الآية الكريمة “كان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الأرض ولا يصلحون” فعقروها ورموها بسهم فخرّت ساقطة، وقد قال لهم نبى الله صالح عليه السلام ذروها تأكل من أرض الله ولا تمسوها بسوء.
فيأخذكم عذاب قريب، فأصروا على العناد، وبعثوا أشقاهم فعقر الناقة، فقال لهم “تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب” ولما حان أجل العذاب أرسل الله عليهم الصيحة مصبحين، فدمرتهم تدميرا، وأصبحوا في ديارهم جاثمين هلكى، وأنجى الله برحمته نبيه صالحا والذين آمنوا معه، وأما عن نبي الله صالح عليه السلام والجماعة الذين اتبعوه فقد توجهوا إلى مسجد صالح عليه السلام، فانجاهم الله جميعا من الصيحة التي قضت على المستكبرين الكافرين من ثمود، وماكان من نبي الله صالح عليه السلام، إلا أن رحل من الأرض التي حل عليها غضب الله مصطحبا معه جماعته، وتوجهوا شمالا باتجاه فلسطين، وحطوا رحالهم في مدينة الرملة.
ويذكر أن نبي الله صالحا عليه السلام، حج بيت الله ملبيّا وقد مر بوادي عسفان، الذي مر فيه قبله النبي هود عليه السلام، ويقال أن نبي الله صالح عليه السلام، ترك بلاد فلسطين مارا بأرض الشام قاصدا إلى مكة المكرمة، فوصلها، وظل فيها يعبد الله حتى وافاه الأجل، ويقال إنه ذهب إلى حضرموت من أرض اليمن إذ إن أصله من هناك، وتوفي فيها عن عمر يناهز الثمانية والخمسين، وفيها دفن، فسلام الله على نبى الله صالح إنه كان من المرسلين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock