الدكروري يكتب عن ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن المؤمن يعلم أن لدفع البلاء ولرفعه أسبابا من أعظمها لجوؤه ودعاؤه وتضرعه إلى مولاه، والمؤمن يعلم أن ما ينزله الله تعالى بعبده المؤمن رحمة وخيرا وحكمة ورفعة للدرجات وتكفيرا للسيئات، ولذلك يكون راضيا بما قدره الله عز وجل، مسلما أمره إلى الله، محتسبا الأجر والخلف من
الله الكريم، فالإنسان ربما يصاب بمصيبة في نفسه أو مصيبة في أهله أو مصيبة في أصحابه أو مصيبة في نواحى أخرى، فإذا قابل هذه المصائب بالصبر وانتظار الفرج والأجر من الله، صارت المصائب تكفيرا لسيئاته ورفعة في درجاته، وقد وردت الآيات والأحاديث الكثيرة في ذلك فقال الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة البقرة.
” ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ” وقال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ” وعن أم العلاء رضي الله عنها قالت ” عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال ” أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة” رواه أبو داود، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة ”
وقال صلى الله عليه وسلم ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ” فهذه الأحاديث وما ورد بمعناها بشرى للمؤمن، تجعله يحتسب عند الله المصائب التي تنزل به، فيصبر عليها ويحتسب ثوابها عند الله عز وجل لأنه يعلم أن ذلك من عند الله تعالى، وأن سببها من نفسه، كما قال الله تعالى فى سورة الشورى ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ” ومن التوجيهات النبوية في الرضا بأقدار الله قوله صلى الله عليه وسلم “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل، قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان” رواه مسلم.
فيجب علينا أن نتفكر في حكم المولى عز وجل في تصريف الأمور، وأنه تعالى المحمود على ذلك، وأن أي شدة صغيرة أو كبيرة خاصة أو عامة إنما فرجها بيد من هو على كل شيء قدير، فعلينا أن نحسن الظن بالله، وأن لا نقنط من رحمة الله، وأن نرضى بما قدر الله، وأن نتذكر مع نزول أي مصيبة كثرة نعم الله علينا، ولطفه بنا، وذلك من أعظم ما يهون المصائب، وعلينا الاعتراف بتقصيرنا وعيوبنا ومعاصينا بين يديه سبحانه، والتوبة النصوح من جميع الذنوب، والقيام بما أمرنا الله به من الصبر واحتساب الأجر، والإيمان به والتوكل عليه، والعمل بما يرضيه، والبعد عن معاصيه، وبذلك تكون العبودية لله في جميع التقلبات والأحوال، والتي هي طريق السعادتين في الدنيا والآخرة، فقال الله تعالى فى سورة التغابن ” ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم “
زر الذهاب إلى الأعلى