الدكروري يكتب عن دعوة نبى الله يونس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الإيمان بالله هو الطريق الموصل إلي الجنة، وهو طريق الفلاح والنجاة، ويقول الله عز وجل كما جاء في سورة يونس ” فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلي حين” وهناك مؤرخون أكدوا إن دعوة نبى الله يونس عليه السلام، لقومه استمرت ثلاثا وثلاثين سنة، إلا أنه لم يؤمن معه سوى رجلين، ولذلك شعر يونس عليه السلام باليأس من قومه، فتركهم وغادر بلدتهم، وظن أن الله سبحانه وتعالى لن يؤاخذه بهذا الخروج، لأنه قدم كل ما عليه في سبيل دعوة قومه، ولم يستجيب له أحد، وكما قال ابن الأثير في كتابه الكامل ولم ينسب أحد من الأنبياء إلى أمه إلا عيسى ابن مريم ويونس بن متى، وهي أمه.
وقال أبو الفرج ابن الجوزي في المنتظم ومتى أبوه وهو من ولد بنيامين بن يعقوب عليه السلام، وفي مختصر تاريخ دمشق، أن نبي الله يونس بن متى، ذو النون نبي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو من سبط لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وكان من أهل الشام من أعمال بعلبك، ونبى الله يونس أصبح نبيا وله أربعون سنة، وكان من عباد بني إسرائيل، فهرب بدينه من الشام ونزل شاطئ دجلة، فبعثه الله تعالي إلى أهل نينوى وكان يونس عبدا صالحا لم يكن في الأنبياء أحد أكثر صلاة منه، كان يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة قبل أن يطعم وقلما كان يطعم من دهره، وكان يصلي كل ليلة قبل أن يأخذ مضجعه ثلاثمائة ركعة وقلما كان يتوسد الأرض.
فلما أن فشت المعاصي في أهل نينوى وعظمت أحداثهم بعث إليهم، ولما وعد نبى الله يونس بن متى عليه السلام قومه بالعذاب بعد ثلاثة أيام إن لم يؤمنوا وخرج من بينهم مغاضبا لهم بسبب كفرهم وإصرارهم وتماديهم في غيهم وضلالهم، سار حتى وصل إلى شاطئ البحر فوجد قوما في سفينة في البحر، فطلب من أهلها أن يركبوه معهم فتوسموا فيه خيرا فأركبوه معهم في السفينة، وسارت بهم السفينة تشق عباب البحر، فلما توسطوا البحر جاءت الرياح الشديدة وهاج البحر بهم واضطرب بشدة حتى وجلت القلوب، فقال من في السفينة إن فينا صاحب ذنب، فأسهموا واقترعوا فيما بينهم على أن من يقع عليه السهم يلقونه في البحر، فلما اقترعوا وقع السهم على نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام.
ولكن لما توسموا فيه خيرا لم يسمحوا لأنفسهم أن يلقوه في البحر، فأعادوا القرعة ثانية فوقعت عليه أيضا، فشمر يونس عليه السلام ليلقي بنفسه في البحر فأبوا عليه ذلك لما عرفوا منه خيرا، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت القرعة عليه أيضا، فما كان من يونس عليه السلام إلا أن ألقى بنفسه في البحر لأنه كان يعتقد أنه لا يصيبه هلاك بالغرق، وعندما ألقى نبي الله يونس عليه السلام بنفسه في البحر وكّل الله تبارك وتعالى به حوتا كبيرا فالتقمه وابتلعه ابتلاء له على تركه قومه الذين أغضبوه دون إذن، فدخل نبي الله يونس عليه السلام إلى جوف الحوت تحفه عناية الله، حتى صار وهو في بطن الحوت في ظلمات حالكة ومدلهمة ثلاث وهي ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت.
زر الذهاب إلى الأعلى