الدكروري يكتب عن وقتل داوود جالوت
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد أخبر الله عز وجل عن نتيجة هذه المعركة التي قامت بين طالوت وجالوت، فقال تعالي ” فهزموهم بإذن الله ” أي هزموا جيش جالوت بنصر الله وتأييده إِجابة لدعائهم وانكسر عدوهم رغم كثرته ” وقتل داوود جالوت” أي وقتل داود وكان في جيش المؤمنين مع طالوت رأس الطغيان جالوت واندحر جيشه ” وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ” أي أعطى الله داود الملك والنبوة وعلمه ما يشاء من العلم النافع الذي أفاضه عليه، وهنا قال ابن كثير رحمه الله، كان طالوت قد وعده إِن قتل جالوت أن يزوجه ابنته ويشاطره نعمته، ويشركه في أمره، فوفى له ثم آل الملك إلى داود مع ما منحه الله به من النبوة العظيمة ” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض” أي لولا أن يدفع الله شرّ الأشرار بجهاد الأخيار لفسدت الحياة.
![](data:image/png;base64,iVBORw0KGgoAAAANSUhEUgAAAYYAAADcAQMAAABOLJSDAAAAA1BMVEUAAACnej3aAAAAAXRSTlMAQObYZgAAACJJREFUaIHtwTEBAAAAwqD1T20ND6AAAAAAAAAAAAAA4N8AKvgAAUFIrrEAAAAASUVORK5CYII=)
لأن الشر إِن غلب كان الخراب والدمار ” ولكن الله ذو فضل على العالمين” أي ذو تفضل وإِنعام على البشر حيث لم يمكن للشر من الاستعلاء، فيقول تعالى ” تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق ” أي ما قصصنا عليك يا محمد من الأمور الغريبة والقصص العجيبة التي وقعت في بني إِسرائيل هي من آيات الله وأخباره المغيبة التي أوحاها إِليك بالحق بواسطة جبريل الأمين ” وإنك لمن المرسلين” أي وإنك يا محمد لمن جملة الرسل الذين أرسلهم الله لتبليغ دعوة الله عز وجل، ثم قال تعالى ” تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق” أي بالصدق الذي لا ريب فيها المتضمن للاعتبار والاستبصار وبيان حقائق الأمور ” وإنك من المرسلين” فهذه شهادة من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم برسالته.
التي من جملة أدلتها ما قصه الله تعالى عليه، من أخبار الأمم السالفين والأنبياء وأتباعهم وأعدائهم التي لولا خبر الله تعالى إياه لما كان عنده بذلك علم بل لم يكن في قومه من عنده شيء من هذه الأمور، فدل أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا الذي بعثه بالحق ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وفي هذه القصة من الآيات والعبر ما يتذكر به أولو الألباب فمنها أن اجتماع أهل الكلمة والحل والعقد وبحثهم في الطريق الذي تستقيم به أمورهم وفهمه، ثم العمل به، أكبر سبب لارتقائهم وحصول مقصودهم، كما وقع لهؤلاء الملأ حين راجعوا نبيهم في تعيين ملك تجتمع به كلمتهم ويلم متفرقهم، وتحصل له الطاعة منهم، ومنها أيضا أن الحق كلما عورض وأوردت عليه الشبه ازداد وضوحا وتميز.
وحصل به اليقين التام كما جرى لهؤلاء، لما اعترضوا على استحقاق طالوت للملك أجيبوا بأجوبة حصل بها الإقناع وزوال الشبه والريب، ومنها أيضا أن العلم والرأى مع القوة المنفذة بهما كمال الولايات، وبفقدهما أو فقد أحدهما نقصانها وضررها، ومنها أن الاتكال على النفس، هو سبب الفشل والخذلان، والاستعانة بالله عز وجل والصبر والالتجاء إليه سبب النصر، فالأول كما في قولهم لنبيهم “وما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا” فكأنه نتيجة ذلك أنه لما كتب عليهم القتال تولوا، والثاني في قوله تعالى” ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، فهزموهم بإذن الله”
زر الذهاب إلى الأعلى