دين ودنيا

الدكروري يكتب عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين

الدكروري يكتب عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن عبد الله بن قيس أبو أمية الغفاري أنه قال كنا في غزاة لنا فحضر عدوهم فصيح في الناس فهم يثوبون إلى مصافهم وفي يوم شديد الريح إذا رجل أمامي رأس فرسي عند عجز فرسه، وهو يخاطب نفسه، فيقول أي نفسي ألم أشهد مشهد كذا وكذا ؟ فقلت لي أهلك وعيالك وأطعتك فرجعت، ألم أشهد مشهد كذا وكذا ؟ فقلت لي أهلك وعيالك فأطعتك فرجعت والله لأعرضنك اليوم على الله عز وجل، أخذك أو تركك فقلت لأرمقنه اليوم فرمقته فحمل الناس على عدوهم فكان في أوائلهم، ثم إن العدو حمل على الناس فانكشفوا وكان في حماتهم ثم حملوا على عدوهم فكان في أوائلهم، ثم حمل العدو وانكشف الناس فكان في حماتهم، قال فوالله مازال ذلك دأبه حتى رأيته صريعا فعددت به وبدابته ستين أو أكثر من ستين طعنة”

وإن الله عز وجل عم بقوله تعالى ” الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم ” هو جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضا دون بعض، ويقول الإمام القرطبي رحمه الله، في تفسيره لهذه الآية أنه دخل ذمي أى رجل من غير المسلمين، على إسماعيل بن إسحاق القاضي فأكرمه، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك، فتلا هذه الآية عليهم، ولنا الوقفه مع السيدة أسماء بنت أبى بكر الصديق لأمها وهي مشركة فعن أسماء بنت أبي بكر قالت ” قدمت عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله، قدمت عليّ أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” نعم، صِلي أمك ” متفق عليه.

ويقول الإمام القرطبي رحمه الله، فيه دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال، إن كانا فقيرين، وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحتوي جميع الملل والأديان المختلفة، فكان جيران نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة وما حولها أصحاب ديانات مختلفة، فكان منهم اليهود والنصارى والمشركون الذين يعبدون الأصنام، وعلى الرغم من ذلك كان يدعوهم إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم يجبرهم على الدخول في الإسلام، ولم يعتد على حرماتهم وأموالهم، وترك لهم حرية العبادة، مع أن المسلمين كانوا أصحاب الكلمة العليا في المدينة، ولم يسفك دم أحد منهم بغير حق، بل كان يزور مرضاهم ويأمر بالإحسان إليهم.

وكان ذلك واضح منه صلى الله عليه وسلم فى زيارته للغلام اليهودي والذى كانت سببا في إسلامه، فعن أنس رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له ” أسلم ” فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول” الحمد لله الذي أنقذه من النار ” رواه البخاري، كذلك فعل من بعده صلى الله عليه وسلم، الصحابة والتابعون مع جيرانهم من غير المسلمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock