دين ودنيا

الدكروري يكتب عن بني إسرائيل والبقرة

الدكروري يكتب عن بني إسرائيل والبقرة

بقلم / محمـــد الدكــروري

إن هذا الجيل الذي صده عن السبيل الاستكبار, وعلاه الغرور, وأسكره الترف, وجعل كتاب ربه وراءه ظِهريا بحاجة ماسة إلى أن يعرف ربه حقا، ويعظمه صدقا, بتدبر أسماء الله الحسنى، والتأمل في آياته، والتفكر في إعجازه، فمن استيقن قلبه هذه المعاني لا يرهب غير الله عز وجل، ولا يخاف سواه، ولا يرجو غيره، ولا يتحاكم إلا له، ولا يذل إلا لعظمته، ولا يحب غيره، أما الذين يهجرون القرآن, ويرتكبون المحرمات, ويفرطون في الطاعات، ويتحاكمون إلى شرع غير شرع الله، فما قدروا الله حق قدره، والذين يسخرون من الدين، ويحاربون أولياء الله, ويستهزئون بسنة سيد البشر, ما قدروا الله حق قدره، ومن شهد قلبه عظمة الله وكبرياءه علم شأن تحذيره تعالي.

في قوله ” ويخذركم الله نفسه” وقال المفسرون “أي بمعني فخافوه واخشوه” وبدأت أحداث القصة البقرة مع بني إسرائيل عندما قتل رجل من بني إسرائيل عمه طمعا بماله، حيث كان عمه عقيما ليس له ولد وأراد أن يرثه، فقتله ثم ألقى الجثة أمام بيت رجل من القوم في الليل، وأصبح يبكي عمه ويتهم الرجل بقتله، فقام أهل الرجل يدافعون عنه وكاد بنو إسرائيل أن يقتتلوا، لولا قال قائل منهم لا تتقاتلوا واذهبوا إلى بني الله موسى ليدلكم على القاتل، فذهبوا إلى نبي الله موسى عليه السلام وأخبروه بالأمر وطلبوا منه أن يدلهم على القاتل، فدعى موسى الله عز وجل أن يبين لهم القاتل، فأوحى الله لموسى عليه السلام بذبح بقرة وضرب المقتول بلحمها فيقوم ويخبرهم من القاتل.

كما قال الله تعالى” وإذ قال موسي لقومة إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوز بالله أن أكون من الجاهلين” فما كان من بني إسرائل إلا أن تعجبوا من أمر الله، واعتقدوا بأنه يستهزأ بهم، حيث قال ابن عباس رضي الله عنه ” فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا وتعنتوا على موسى، فشدد الله عليهم” ثم سألوا نبي الله موسى عليه االسلام عن أوصاف البقرة، فقال لهم إنها ليست كبيرة ولدت الكثير، ولا صغيرة بحيث إنها لم تلد، وإنما هي متوسطة في العمر فاذبحوها، ولكنهم لم يفعلوا وعادوا ليسألوا عن لونها، فقال لهم “إن الله يقول لكم بإن لونها أصفر نقي مشع، تدخل السرور على من يراها” فلم يفعلوا، وعادوا وقالوا له بإن البقر تشابه فادعو لنا ربك يبيّن لنا صفاتها.

لنميّزها عن غيرها، فقال لهم ” إن الله يقول إنها بقرة لا تستخدم في حرث الأرض ولا في السقاية ولونها صاف لا تشوبه شائبة” فبحثوا كثيرا فلم يجدوا إلا بقرة واحدة توافق الوصف فطلبوا من صاحبها أن يبيعهم إياها فرفض أن يبيعها إلا بوزنها ذهب، فاشتروها بعدما أجهدهم البحث عنها وأتعبهم ثمنها، ثم ذبحوها وضربوا المقتول بقطعة من لحمها كما أمرهم الله تعالى، فقام المقتول بأمر الله وأشار إلى القاتل ثم مات، فكانت نلك الحادثة معجزة من المعجزات الكثيرة التي أنزلها الله على بني إسرائيل، كما قال الله تعالى ” فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتي ويريكم آياته لعلكم تعقلون”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock