دين ودنيا

الدكروري يكتب عن حتى يتقارب الزمان

الدكروري يكتب عن حتى يتقارب الزمان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ينبغي للعبد العاقل أن يكون له في يوم ساعة يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شئون الدنيا فكيف لا يحاسب الأنسان نفسه في سعادة الأبد وشقاوة الابد، ونسأل الله أن يجعلنا من الأبرار والسعداء، فقال ميمون بن مهران لايكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، ومن فوائد محاسبة النفس إنها تعرّف الإنسان بنعمة الله تعالي عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله عز وجل ويحذر من التعرض لأسباب زوالها حيث قال الله تعالى في سورة إبراهيم ” وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ” فبداية المحاسبه أن يقيس العبد ويوازن بين نعم الله عليه من عافية وأمن وستر وغنى وبين ذنوبه فحينئذ يظهر التفاوت.

فيعلم العبد أن ليس له إلا عفوالله ورحمته أوالهلاك، وإن من الدروس المستفادة من إنقضاء الأعوام هو الإتعاظ بسرعة انتهاء العام فكأنه بدأ بالأمس، حيث تمر أيامه كلمح البصر، وما كأنه إلا شهر وما كأن أشهره إلا أياما وما كأن أيامه إلا ساعات وما كأن ساعاته إلا دقائق ولعل هذا التقارب من علامات الساعة، ويقول صلى الله عليه وسلم ” لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار ” وقد يكون هذا التقارب لعدم البركة في الوقت لكثرة المعاصي التي ضيعت الأوقات وعطلت الأعمار وقد يكون لغفلة الناس وانشغالهم بدنياهم وملذاتهم فضاعت أعمارهم وأعمالهم وتعطلت جوارهم.

وانقادوا وراء الأهواء والشهوات واستعبدهم الشيطان وقد ذم الله الذين يضيعون أوقاتهم فقال الله تعالي ” قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ” وقال تعالي أيضا ” ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها عن عمره فيما أفناه ” ويقول أحد السلف أدركت أقواما يحافظون على أوقاتهم أشد من محافظتكم على الدرهم والدينار” فهلا كانت دقائقنا عشرات وساعاتنا مئات وأيامنا ألوف وهلا عرفنا أهمية الوقت، ولقد أقسم الله تعالي به وجعله حياة العبد وما مضى منه لا يعود ويسرع في الإنقضاء.

وأغلى من الذهب والفضة، ويقول القائل ” حاسبت نفسي لم أجد لي، صالحا إلا رجاءي رحمة الرحمن، ووزنت أعمالي فلم أجد، في الأمر إلا خفة الميزان” وبهذه المقايسة والمحاسبة يعلم العبد أن الرب رب بكرمه وعفوه وجبروته وعظمته وأن العبد عبد بذله وضعفه وفقره وعجزه وأن كل نعمة من الله فضل وكل نقمة منه عدل، وبهذه المحاسبة يسيء العبد الظن بنفسه لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال الصلاح والتقوى فيرى المساوىء محاسن والعيوب كمالا، فعين الرضى عن كل عيب كليلة، ولكن عين السخط تبدي المساويا، ولا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها، فهذا صله بن أشيم يقول أحد أصحابه كنت أسمعه يقول بعد صلاة الفجر في دعاءه ” اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ومثلي لايستحق أن يطلب الجنة”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock