دين ودنيا

الدكروري يكتب عن العزاء في المجتمع الإسلامي

الدكروري يكتب عن العزاء في المجتمع الإسلامي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أعبد الناس، ومن كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان عبدا لله شكورا، فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين، وذلك بأن يعرف العبد حق ربه عز وجل عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عليه من الفرائض، ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل، وكلما بلغ العبد درجة مرتفعة عالية في العلم والفضل والتقى، عرف حق الله تعالى عليه، فسارع إلى تأديته والتقرب إليه بالنوافل، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه “إن الله تعالى قال وما يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”

وسبحان من كتب على نفسه البقاء والدوام وكتب على جميع خلقة الفناء والزوال، فسبحانه وتعالى القائل ” كل نفس زائقة الموت ” فإن الموت هو خروج روح الإنسان من جسده، خروج لا رجعة فيه أبدا، مما يؤدي إلى توقف كل الأجهزة الحيوية عند الإنسان عن العمل، فتتوقف كل الحواس عن العمل، وينتقل الإنسان عندما يموت من الحياة الدنيا إلى الآخرة، ومن العمل إلى الجزاء ومن الفناء إلى البقاء، فيكون في عالم الغيب في برزحه ينتظر يوم القيامة، حيث يحدد مصيره إما في الجنة أو في النار، وإن الموت لحظة غيبية يجهلها الناس ولا يعرفونها، وهي اللحظة التي ينتقل فيها الإنسان من الحياة الدنيا، وهى دار العمل إلى الحياة الآخرة، وهى دار الجزاء والحساب، وإن العزاء من المفاهيم المألوفة في المجتمع الإسلامي وغيره.

فهو مرتبط بحدث كبير هو الموت، الذي يدخل الرهبة إلى النفوس، ويسبب الحزن الكبير للقلوب، فعندما يموت إنسان يكون وجب العزاء لأهله ومعنى كلمة العزاء هو المواساة، ويُقال أحسن الله عزاءك أي رزقك الصبر الحسن والمواساة، وإن العزاء من الأمور البديهية التي يقوم بها الناس مع بعضهم البعض بمجرد موت أحد، وله أثر كبير في النفوس، لأنه يخفف من وطأة الحزن في نفوس أهل الميت، ويمدهم بالصبر قليلا، وتقال عادة في العزاء الكثير من العبارات، بعضها عبارات وردت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وبعضها عبارات لا أساس لها في الدين الإسلامي، وإنما هي مجرد عبارات يتناقلها الناس بين بعضهم البعض، وإن الاجتماع للعزاء من العادات وليس من العبادات.

والبدع لا تكون في العادات بل الأصل في العادات الإباحة، ثم إن التعزية أمر مقصود شرعا ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا باستقبال المعزين والجلوس لذلك فإن ذلك مما يعينهم على أداء السنة وقد سئل الشيخ ابن باز عن استقبال المعزين والجلوس للتعزية؟ فقال ” لا أعلم بأسا فيمن نزلت به مصيبة بموت قريب، أو زوجة، ونحو ذلك أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب لأن التعزية سنة، واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة وإذا أكرمهم بالقهوة، أو الشاي أو الطيب، فكل ذلك حسن، وإن العزاء هو التعبير عن التعاطف مع شخص يعاني من ألم نتيجة حالة وفاة أو كربة نفسية متأصلة أو مصيبة، وعند قيام شخص بتقديم تعازيه تجاه موقف محدد أو شخص محدد فإنه يقدم دعما نشطا وواعيا لهذا الشخص أو الموقف، كوفاة شخص مقرب لصديق حيث يقدم الشخص تعازيه ويعبر عن شعوره بالتعاطف تجاه الطرف الآخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock