دين ودنيا

الدكروري يكتب عن رسالة الخير والسلام

الدكروري يكتب عن رسالة الخير والسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد أرسل الله عز وجل الرسل والأنبياء بالرسالات التي اصلها واحد وهو الإسلام، وإن الإسلام رسالة خير وسلام ورحمة للبشرية كلها، دعا إلى التراحم، وجعل الرحمة من دلائل كمال الإيمان، فالمسلم يلقي الناس وفي قلبه عطف مدخور، وبر مكنون، يوسع لهم، ويخفف عنهم، ويواسيهم، فعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لن تؤمنوا حتى تراحموا، قالوا يا رسول الله كلنا رحيم، قال صلى الله عليه وسلم إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة الناس رحمة العامه” رواه الطبرانى، وليس المطلوب قصر الرحمة علي من تعرف من قريب أو صديق، ولكنها رحمة عامة تسع العامة كلهم، وأحاديث رسول الله تبرز هذا العموم في إسداء الرحمة، والحث على إفشائها وانتشارها.

فقال صلى الله عليه وسلم ” لا يرحم الله من لا يرحم الناس” رواه البخارى، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم ” من لا يرحمِ الناس لا يرحمه الله” وفي هذا الحديث الحض على استعمال الرحمة للخلق، فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام، والمساعدة في الحمل وترك التعدى بالضرب، ونزع الرحمة من الإنسان هى علامة الشقاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تنزع الرحمه إلا من شقى” رواه أبو داود والترمذى، وإن الله عز وجل أرحم بعباده من هذه بولدها، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرصد هذا الموقف الإنساني المؤثر عن قرب، وقدم من خلاله للأمة معنى هائلا خلابا، ودرسا رائعا جذابا، تعجز العبارات عن بيانه وإظهاره.

فلقد رأى الصحابة الرحمة بأجمل صورها وأبها حللها، وأكثرها تأثيرا وبيانا وأعلاها فيضا وحنانا، إنه مشهد حي تجلت فيه رحمة الأمِ بوليدها الرحمة التي لا يمكن أن يرى البشر أعظم ولا أحنى منها فيما بينهم، ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المشهد المؤثر دليلا على ما لا نستطيع أن نقدر حجمه من رحمه الله سبحانه وتعالى لعباده، ولقد أمرنا ربنا تبارك وتعالى أن نلهج في كلِ ركعة من ركعات صلاتنا بل نبتدئ في كل أمر من أمور ديننا ودنيانا باسمين من أسمائه الحسنى الرحمن الرحيم، وقد قال الشيخ السعدي رحمه الله “اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمّت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله، فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة.

ومن عداهم فلهم نصيب منها وقال ابن عثيمين رحمه الله “الرحمن ذو الرحمة الواسعة، والرحيم ذو الرحمة الواصلة، فالرحمن وصفه والرحيم فعله” والرحمة كتاب كتبه الله على نفسه وأمر نبيه أن يبلغه للناس، فسبحانك ربي ما أرحمك، وسبحانك ربي ما أعظمك، فإن الرحمة سمة الربوبية وعنوان الإلوهية، ولذلك وصف الله تعالى نفسه بها، والرحمة كمال في الطبيعة البشرية تجعل المرء يرق لآلام الخلق فيسعى لإزالتها كما يسعى في مواساتهم، كما يأسى لأخطائهم فيتمنى هدايتهم، ويتلمس أعذارهم، والرحمة صورة من كمال الفطرة وجمال الخلق، تحمل صاحبها على البر، وتهب عليه في الأزمات نسيما عليلا تترطب معه الحياة، وتأنس له الأفئدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock