دين ودنيا

الدكروري يكتب عن لكل غادر لواء

الدكروري يكتب عن لكل غادر لواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الغدر والخيانة أفة من آفات المجتمع التي توغلت في نوس بعض الناس، وإن العاقبة لهؤلاء هي عاقبة سوء عياذا بالله، فعن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان” متفق عليه، وقال النووي معناه لكل غادر علامة يشهر بها في الناس لأن موضوع اللواء الشهرة مكان الرئيس علامة له، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة لغدرة الغادر لتشهيره بذلك، وقال القرطبي هذا خطاب منه للعرب بنحو ما كانت تفعل، لأنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء، وللغدر راية سوداء، ليلوموا الغادر ويذموه، فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر ليشتهر بصفته في القيامة فيذمه أهل الموقف، فيا أهل الإسلام دينكم دين الوفاء ونبيكم أوفى الأتقياء.

فتمسكوا بدينكم واقتدوا بنبيكم، وكونوا مضرب مثل لسائر الأمم والأديان في الوفاء، فإن كثيرا منهم قد فقد الوفاء في الأحباب، ولم يجده إلا عند الكلاب، فإن الوفاء خُلق الكرام، به يسعد الفرد في الدنيا والآخرة وبه يعيش المجتمع في أمن وأمان فالحقوق محفوظة والأعراض مصونة والحب والتراحم يسود بين أفراد المجتمع وبه ينال المسلم رضا ربه ويهنأ بدخول جنته، فيأمرنا الله تعالى في كتابه العزيز بالوفاء بالعهد، والوفاء بالعهد أدب رباني حميد، وخلق نبوي كريم وسلوك إسلامي نبيل جعله الله صفة لأنبيائه والصالحين من عباده، إن الوفاء بالعهد هو قيام المسلم بما التزم به سواء أكان التزامه إيمانا وتصديقا أو قولا أو كتابة أو عملا فكل أمر ألزمت به نفسك فهو عهد ووعد والعهد ينقسم إلى قسمين، عهد بين الله وبين الناس، وعهد بين الناس بعضهم بعضا.

فأما العهود التي بين الله وبين الناس فهي كثيرة، أولها إيمانك بالله وتصديقك لرسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا عهد يجب عيك الوفاء به، فالتزامك بدين الله وإتباعك لشرع الله ومنهج رسوله هذا عهد فقال ابن عباس رضي الله عنهما كل ما أحل الله وما حرم وما فرض في القرآن فهو عهد فمن تهاون في أداء الصلاة أو إيتاء الزكاة أو في صوم رمضان أو أداء الحج مع القدرة فقد نكث عهده مع الله ومن تخلق بغير أخلاق المؤمنين فكذب إذا حدث أو خان إذا اؤتمن، أو أخلف إذا وعد، فقد نكث عهده مع الله، ومن ساءت معاملته مع العباد فعق والديه أو قطع رحمه أو أساء إلى جاره أو غش في بيعه وشرائه أو أضاع زوجته وأولاده فقد نكث عهده مع الله ومن والى الكفار وعادى المؤمنين الأبرار وانتصر للباطل واخفق الحق فقد نكث عهده مع الله.

وعلى الإجمال فالمعرضون عن دين الله أولئك نكثوا عهدهم مع الله وتهاونوا بشرع الله عز وجل بل وأبرموا عهدا مع الشيطان بمخالفتهم لشرع الرحمن وكذلك نشر العلم وبيانه عهد حيث قال الله تعالى ” وغذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه” وقال قتادة هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن تعلم علما فليعلمه للناس وإياكم وكتمان العلم فإن كتمان العلم هلكة، فيا سعادة عالم ناطق ومستمع داع، هذا تعلم علما فبلغه، وهذا سمع خيرا فقبله، وبيع النفس والمال بالجنة عهد، وقال الله تعالى ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock