الدكروري يكتب عن طريق الأمان يزيل المخاوف

الدكروري يكتب عن طريق الأمان يزيل المخاوف
بقلم / محمــد الدكــروري
لقد رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه بوسيلة إيضاح جيدة، ما يؤكد طريق الأمان، ويزيل المخاوف عنهم، وذلك باتباع ما جاء به من عند ربه، فقد خط خطا مستقيما في التراب، وأفهمهم أن هذا الطريق الموصل إلى الله، وهو ما بعثه الله به، ثم خط خطوطا جانبية متفرعة منه، وبين أن هذه السبل، من اتبعها ضل وغوى وابتعد عن طريق الرشاد، وفي كتاب الله عز وجل علاج سهل المأخذ لمن وفقه الله، يريح القلوب، ويطمئنها من كل أمر مؤرق قال تعالى ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب” أي ترتاح وتهدأ، ويسهل الأمر الصعب، وهذا هو الأمن النفسي، الذي لا يكون إلا بتذكر عظمة الخالق سبحانه واستصغار ما دونه، فلا إله إلا الله، كلمة صغيرة في حروفها، وسهلة في نطقها، لكنها عظيمة في مدلولها، كبيرة في معناها، عميقة في تأثيرها فهي مطمئنة للنفس.
ومهدئة للأعصاب، وكلمة أمن، قد جاءت في كتاب الله هي ومشتقاتها أكثر من ثمانمئة مرة فالمؤمنون والإيمان والأمانة، والذين آمنوا، كلها من الأمور المرتبطة حسا ومعنى بالإيمان والأمانة، والأمين، والذين آمنوا، كلها من الأمور المرتبطة حسا ومعنى بالإيمان ونتائجه، وكلها تؤدى برابطة قوية مع الله، ومن منطلق التمسك بشرعه، وكما أن الكلمات التي تدل على معنى الراحة والسكينة، وتوفير السعادة للنفس وتذكيرها بالله وعقابه لمن عصى وانحرف، والنعيم والفوز لمن أطاع واستجاب كثيرة في كتاب الله، وما ذلك الاهتمام الكثير في كتاب الله بهذا الجانب، إلا لما يوليه التشريع الإسلامي من عناية فائقة بالنفس البشرية، وعناية بتوجيهها، مع كفل ما يريحها ويؤمنها من المخاطر حتى تعمل وهي مطمئنة على النتيجة، مع راحة بال بالوصول لثمرة ما كلفت به.
لأن العمل قد حداه يقين وصدق، والنسة النبوية قد اهتمت في هذا الجانب بترسيخ ما جاء في القرآن الكريم، لزيادة تمكينه، بزيادة الدلالة اللفظية والمعنوية، لأن الزيادة تأكيد المبني، زيادة في تمكين المعنى، وإن من مقومات المجتمع الصالح وجود التعاطف والتوادد بين أعضائه، فكل فرد فيه يحمل كما هائلا من العاطفة نحو الفرد الآخر ينظر إليه كما ينظر إلى نفسه، يسدده بالنصيحة إذا كان محتاجا لها، ويقدم له المال عند العوز، ويعرض عليه خدماته كلما ألمت به الحاجة، وهذه صفة المجتمع الإسلامي في تواده و تراحمه كالجسد الواحد يعضد بعضه بعضا خلافا للمجتمعات المادية التي يعيش كل فرد فيه عالمه الخاص الذي لا يمت بأية صلة بعالم الآخرين، لا جسور بينهم ولا تواصل كالجزر المتناثرة في بحر مظلم، فنحن بإزاء نوعين من المجتمعات.
فالنوع الأول تسوده المحبة والأمن والاستقرار، والثاني مجتمع مفكك كل فرد فيه يعيش على حساب آلاخر، يقتات من عرق جهده متجاوزا على حقوق غيره ففي هذا المجتمع لا نشتم رائحة الأمن ولا نحس بوجود المشاعر الانسانية، فالنوع الأول هو المجتمع الإسلامي الذي قال عنه الإمام على رضى الله عنه “الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه” وقال أيضا “أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم” وهو مجتمع يبادر كل فرد فيه بتقديم العون لأخيه قبل أن يتفوه ويطلب حاجته كما قال الإمام على رضى الله عنه “لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف حاجته”