دين ودنيا

الدكروري يكتب عن خصائص الدين الإسلامي

الدكروري يكتب عن خصائص الدين الإسلامي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن بهيم العجلي أنه قال ركب معنا شاب من بني مرة البحر من أهل البدو فجعل يبكي الليل والنهار فعاتبه أهل المركب على ذلك وقالوا ارفق بنفسك قليلا قال إن أقل ما ينبغي لي أن يكون لنفسي عندي أن أبكيها وأبكي عليها أيام الدنيا لعملي بما يمر عليها في ذلك اليوم غدا قال فما بقي في المركب أحد إلا بكى، وعن مالك بن مغول أنه قال كان رجل يبكي فتقول له أهله لو قتلت قتيلا ثم جئت لأهله تبكي لعفوا عنك فيقول ” إنما قتلت نفسي ” وإن من خصائص الإسلام أنه دين شامل لذا فقد وضع نظاما ينظم العلاقات المادية وجميع المعاملات بين أفراده، عن طريق سن قوانين وقواعد عامة وخاصة، ولقد وضع الإسلام الحنيف أسس للبناء الإقتصادي وهي ترسيخ حقيقة الملكية.

وقد ذم الإسلام للتسول والبطالة، لإن البطالة من أخطر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تتفاقم يوما بعد يوم على المستوى العالمي، وخاصة في الدول الفقيرة والنامية، ولا شك أن للكسل والبطالة والقعود عن العمل أضرارا وأمراضا خطيرة تهدد المجتمع بالخراب والدمار، فالإنسان الذي يركن إلى البطالة ويضرب عن العمل مع توفر فرصه يضيع نفسه ويضيع ذويه، ويصبح عالة على غيره وعضوا مشلولا يعوق حركة المجتمع وتقدمه، ثم نجده يعرّض نفسه ومن يعول للذل والهوان، ولا يلقى من الناس إلا الاحتقار والسخرية، ويجني من كل ذلك ضياع الدين والخلق والكرامة، وهذا العاطل عن العمل قد يدفعه تعطله وبطالته إلى أحد أمرين إما أن يتكفف الناس ويتسول.

وإما أن يتجه إلى ارتكاب الجرائم والمنكرات للحصول على الأموال، فأما التسول فهو من أخطر الأمراض التي تضر المجتمع، وتشوه صورته، والمتسول وخاصة إذا كان من القادرين على العمل فهو إنسان حقر نفسه، وأراق ماء وجهه، وخلع حياءه وكرامته، وفقد إنسانيته، وبدأ يمد يده للناس أعطوه أو منعوه، أما غير القادر على العمل فهذا له عذره في الحاجة إلى غيره، ومن أجله كانت فريضة الزكاة، التي تغنيه عن الحاجة والمسألة، ولكن الشيء الغريب أن التسول أصبح اليوم مهنة لبعض الناس، وانتشر في بعض الدول الإسلامية انتشارا سرطانيا مدمرا، حتى إن بعض القادرين على العمل من الكسالى قد استسهلوا التسول وانطلقوا في الشوارع والمركبات العامة يمدون أيديهم للناس بغير حياء.

وأما الأثر الثاني للبطالة والتعطل عن العمل بعد التسول فهو الاتجاه إلى الجريمة طلبا للمال، وهذا الأثر أخطر بكثير من التسول لأنه إن كان المتسول يأخذ من مال الإنسان بمحض إرادته وبطيب نفس منه، فإن السارق يأخذ المال عنوة، وقد يعتدي على صاحب المال إذا ما اعترضه وهو يسرق، ويرتكب جريمة أخرى غير السرقة وهي القتل، ومن هنا تنتشر الجرائم وتصبح حياة الإنسان وماله وعرضه في خطر من هؤلاء المجرمين المتعطلين، وقد أثبتت الدراسات والبحوث أن أكثر الذين يرتكبون الجرائم في هذه الأيام هم من العاطلين الذين أخفقوا في عملهم أو في دراستهم وعجزوا عن أن يشغلوا أنفسهم بالحق فشغلتهم هي بالباطل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock