الدكروري يكتب عن جبر الخواطر لله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصفحة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول ” غارت أمكم” ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت، ومن جبر الخواطر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ما رد سائلا قط بل كان يرشد الصحابة للحل ويدلهم على الطريق، ويطيب خاطرهم فقد دخل عليه الصلاة والسلام ذات يوم المسجد.
فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، قال أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى عنك دينك، قلت بلى يا رسول الله؟ قال قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز، والكسل، وأعوذ بك من الجبن، والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، قال أبو أمامة ففعلت ذلك، فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني” وكان جبر الخواطر من الأدعية الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحد السلف الصالح يقول”إذا رأيت أحدهم منطفئا حدثه كثيرا عن مزاياه، حدثه عن طيبة قلبه، وحدثه حتى يعود ويضيء، فإن جبر الخواطر لله”
افعلها كما قال الرجل لله، فقد تحتاج يوما لمن يخفف عنك، فيبعث الله لك من حيث لا تدري من يحاورك، ويسمعك، ويسعى جاهدا لأن يرفع من معنوياتك، فهكذا الدنيا تعطي لمن يعطي وتبخل عمن يبخل، فإياك أن تتردد ولو لحظة واحدة في أن تذهب لأي شخص يسير في الشارع، وإن كنت لا تعرفه، طالما شعرت بأنه بحاجة لمساعدة ما، فساعده ولو بكلمة، تخيل أنك حينها كمن منحه نبع الحياة، كأنه أعاد له روحه، ستساعده على أن يتجاوز أحزانه، ولو كانت مثل زبد البحر، فكيف لو علمت فضل هذا الفعل عليك، ومردوده عليك يومًا ما، مؤكد لن تتردد لحظة في الأخذ بيد غيرك، فما أحسن أن نقصد الشراء من بائع متجول في حر الشمس يضطر للسير على قدميه باحثا عن رزقه مساعدة له وجبرا لخاطره.
وما أروع أن نقبل اعتذار المخطئ بحقنا وخصوصا عندما نعلم أن خطئه غير مقصود، وفي هذا الزمان تشتد الحاجة إلى مواساة الناس والتخفيف عنهم وتطييب خاطرهم لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون، نظرا لشدة الظلم الاجتماعي في هذا الزمان، وفساد ذمم الناس واختلاف نواياهم، وجبر الخاطر لا يحتاج سوى إلى كلمة من ذكر، أو دعاء، أو موعظة، وربما يحتاج الآخر لمساعدة وابتسامة، وجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ” اقرأ علي ” قلت يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال ” نعم ” فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية ” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هؤلاء شهيدا ” قال ” حسبك الآن ” فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان.
زر الذهاب إلى الأعلى