الدكروري يكتب عن بناة المجتمع المستقبلي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن شهر ربيع الأول هو ذاك الشهر الذي ولد فيه سيد الخلق وأكمل البشر نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة والنعمة المسداة، خليل الرحمن وصفوة الأنام، أعظم الناس أمانة، وأصدقهم حديثًا، وأسخى الناس نفسا، وأطيب الناس ريحا، وأجودهم يدا، وأعظمهم صبرا، وأكثرهم عفوا ومغفرة، فقال عنه الله تعالي كما جاء في سورة الجمعة ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وغن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الذلة إلى العزة، ومن الظلم والظلمات والجهل والشتات إلى العدل والنور والكرامات.
ولطالما كانت الأجيال القادمة هي بناة المجتمع المستقبلي، فتربيتهم على الأخلاق الفاضلة والطيبة يساهم في ازدهار المجتمع وتحسين إنتاجه، وإن حب الوطن والوفاء له منه أشكال وصور متعددة ومختلفة، ومن أهم وأجل هذه الصور هي المساهمة في نهوض وتطور المؤسسات العلمية ومرافقها الخدمية، فإن على أصحاب الأموال العمل على إنشاء بنيته التحتية، ويجب على ذوي العلم والكفاءات وأصحاب الدراسات، وحرفيي المهن التعلم ونشر العلم والإرشاد لمصلحة العباد، فإن وجود المال وأصحاب الأموال يجب أن يصاحبه نهضة علمية تنير الوطن وتزهره، فقال تعالى فى سورة آل عمران ” وإذ أخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ” وإن على أهل العلم مسؤولية كبيرة.
في المساهمة في بناء الوطن وتطوره، وهذه مهمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهي اليوم مهمة العظماء الذين يطبقون دينهم ويساعدوا على تنشئة المجتمع وإعادة هيكلته، وإن إحدى صور الإخلاص والوفاء للوطن هي تنمية مجالات التكافل الاجتماعي وتسهيل السبل الإنسانية، وعدم القيام بها يعد دليلا كبيرا على الأنانية، إذ يجب على المواطن الشعور بالوحدة الوطنية وتطبيقها في جميع صورها، ومساعدة الآخرين من الفقراء والمحتاجين وأي إنسان يحتاج إلى المساعدة، فالعمل الجماعي يُعد دائما من أسباب النجاح، إذ ورد في القرآن الكريم عن قصة رجل يملك جنة وكان يعطي الجميع من خيرها من أقارب وفقراء وغيرهم، وكان يطبق التكافل الاجتماعي بجميع معانيه السامية.
ولما مات تنكر وارثوه عن مبادئه وعزموا على تغيير نهجه في مساعدة المحتاجين والفقراء، فكانت عاقبتهم كما قال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة القلم ” إنا بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين، ولا يستثنون، فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون، فأصبحت كالصريم، فتنادوا مصبحين، ان اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين، فانطلقوا وهم يتخافتون، أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين، وغدوا على حرد قادرين، فلما رأوها قالوا إنا لضالون، بل نحن محرومون ” فإن في النفس عتب كبير على من أشغله المال عن القيام بحق الوطن والمواطن فإنك ترى جانب ضعف المواطن عند مَن يسعى للربح المضاعف على حساب العامة واحتكار البضائع والتلاعب في الأسعار والتضييق على الناس في معاشهم واستغلال الأحداث والظروف دون النظر إلى حال الناس، ناهيك عن الغش والتدليس.
زر الذهاب إلى الأعلى