الدكروري يكتب عن الغنائم في الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد أحل الله عز وجل لرسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم الغنائم، وقال الخطابي كان من تقدم على ضربين منهم من لم يؤذن له في الجهاد، فلم تكن لهم مغانم، ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئالم يحلّ لهم أن يأكلوه وجاءت نار فأحرقته، قال ابن حجر وقيل المراد أنه خص بالتصرف في الغنيمة يصرفها كيف يشاء، والأول أصوب، وهو أن من مضى لم تحل لهم الغنائم أصلا، وقال ابن هُبيرة هذا يذكره صلى الله عليه وسلم مبينا به فضل أمته، فإنه يعني أن إيمان أمته زاد وصدق إلى أن لا يضره تناول الغنيمة في إخلاصهم في الجهاد، فإن من كان قبلهم إنما كانت الغنائم تأكلها النار من أجل إيمان من تقدم لم يكن في قوة إيمان هذه الأمة إذ الغنائم لا يؤثر تناولها في إخلاصهم في جهادهم وإرادتهم به وجه مولاهم وخالقهم.
وكان ذلك لنزول إيمان من تقدم عن درجة إيمان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأكلها احتياطا للغزاة، حينئذ جاهدوا من أجل الغنائم، وإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشير أن مقامهم أشرف من أن يكون جهادهم لأجل الغنائم، وأيضا الاصطفاء من الغنيمة، والصفية جمعها صفايا، وهي ما يختاره النبي صلى الله عليه وسلم قبل القسمة من الغنيمة، كسيف ودرع ونحوهما، ومنه صفية أم المؤمنين التي اصطفاها من المغنم لنفسه، وقال الخطابي وأما الصفي فهو ما يصطفيه من عرض الغنيمة من شيء قبل أن يخمس عبد أو جارية أو فرس أو سيف أو غيرها وكان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بذلك مع الخمس الذي له خاصة، وقال ابن عبد البر سهم الصفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم معلوم.
وذلك أنه كان يصطفي من رأس الغنيمة شيئا واحدا له عن طيب أنفس أهلها ثم يقسمها بينهم على ما ذكرنا وأمر الصفي مشهور في صحيح الآثار معروف عند أهل العلم ولا يختلف أهل السير أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت من الصفي، وقال البغوي ومن خصائصه أنه كان يسهم له من الغنيمة كسهم رجل ممن شهد الوقعة، سواء حضرها أو غاب عنها، وكما إن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه تعرض صلاة أمته عليه، ففى حديث أوس بن أبو أوس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أفضل أيامكم يوم الجمعة، وفيه فأكثروا على من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة على” وهذا الحديث يدلنا على أن صلاتنا تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس مختصا بيوم الجمعة فقط.
فقد جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “إن لله ملائكة سياحين فى الأرض يبلغونى من أمتى السلام” وقال صلى الله عليه وسلم “لا تتخذوا قبرى عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما كنتم فصلوا على فإن صلاتكم تبلغنى حيث كنتم” أي بواسطة الملائكة ولكن نص على يوم الجمعة لخصوصيته، فلا ينافي ذلك ما جاء في الأحاديث الأخرى من أن الصلاة تعرض عليه في كل وقت وحين، وهذا الحديث دليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، وتختلف عن الحياة الآخرة بعد البعث والنشور، فلا يقال إن حياتهم في قبورهم كحياتهم في الدنيا، بل حياتهم في البرزخ تختلف عن حياتهم في الدنيا، وتختلف عن حياتهم بعد البعث والنشور.
زر الذهاب إلى الأعلى