الدكروري يكتب عن الأمين المصطفي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لما أوحى الله تعالي إلى نبيه المصطفي صلى الله عليه وسلم في غار حراء لأول مرة، ورجع إلى زوجتة السيدة خديجة رضي الله عنها أخبرها الخبر وقال ” لقد خشيت على نفسي” فقالت له رضي الله عنها كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب

المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، ولما قامت قريش ببناء الكعبة قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم تنازعوا في رفع الحجر الأسود إلى مكانه، واتفقوا على تحكيم أول من يدخل عليهم الباب، فكان أول داخل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرحوا جميعا، وقالوا جاء الأمين، جاء محمد، وقد كانوا يلقبونه بلقب الأمين لما يعلمونه من أمانته، صلى الله عليه وسلم، ولقد كان لرحلة الإسراء والمعراج.
الكثير من الدروس والعبر المستفادة، منها هو تعويض الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم لصد الناس عنه، وخاصة أن الحادثة كانت بعد أذى أهل الطائف له، ومنعه من دخول المسجد الحرام إلا بجوار مطعم بن عدى، فعوضه الله سبحانه وتعالى بفتح أبواب السماء له، وترحيب أهلها به تعزية ومواساة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب، فأكرمه الله تعالى برؤية آيات من ربه وأمور أخرى، وكذلك فتنة الناس وامتحانهم من خلال بيان المصدق والمكذب له، حيث إن الذهاب إلى بيت المقدس لا يكون إلا برحلة مقدارها شهرين ذهابا وإيابا، وسمى من حينها أبو بكر رضي الله عنه، بالصديق، وذلك لتصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم في معجزة الإسراء والمعراج.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية قد أبرم صلحا بينه وبين قريش على أن يرجع ويعتمر من العام المقبل، ومن الشروط التي اشترطتها قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل مكة بسلاح الراكب فقط أي السيوف مغمدة، فلما قدم صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء استعد بالخيل والسلاح لا ليدخل بها الحرم وإنما لتكون في متناول يده لو نكثت قريش، وعندما قرب صلى الله عليه وسلم من الحرم بعث بها إلى يأجج، وكان خبر ذلك السلاح قد بلغ قريشا، فبعثت مكرز بن حفص في نفر من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا “يا محمد، ما عرفت صغيرا ولا كبيرا بالغدر، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك وقد شرطت لهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر”
فقال صلى الله عليه وسلم “إني لا أدخل عليهم بالسلاح، وقد بعثنا به إلى يأجج” فقال مكرز “بهذا عرفناك بالبر والوفاء” ولقد تفضل الله تعالى على خليله محمد صلى الله عليه وسلم بتوفيقه للاتصاف بمكارم الأخلاق، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ثم أثنى عليه ونوَّه بذكر ما يتحلى به من جميل الصفات في آيات كثيرة من كتاب الله العزيز، أقتصر على إيراد بعضها، من ذلك قوله تعالى ” وإنك لعلي خلق عظيم” فقد أخبر سبحانه في هذه الآية الكريمة عما كان عليه المصطفى من أخلاق فاضلة، ووصف خلقه صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم، وأكد ذلك بثلاثة أشياء، بالإقسام عليه بالقلم وما يسطرون، وتصديره بأن، وإدخال اللام على الخبر، وكلها من أدوات تأكيد الكلام.
زر الذهاب إلى الأعلى