بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الصدق سبب في نيل محبة الله سبحانه وتعالى ومحبة رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم، وقد دلّ على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أحببتم أن يُحبكم الله تعالى ورسوله فأدوا إذا ائتمنتم، واصدُقوا إذا حدثتم ” وكما أن الصدق سبب في نيل البركة في الرزق، وكما ان الصدق سبب في دخول الجنة، وحينما يطرق عمل الخير يعتقد البعض ويسبق إلى ذهنه تلك الأعمال الكبيرة من الصدقات الكبيرة وبناء المساجد وكفالة الأيتام وعلاج المرضى من الفقراء فحسب، وهذا ضيق في الأفق، وتحجير لما وسعه الله، فالعمل الصالح واسع ميدانه شامل عنوانه، ينتظم أعمال القلوب والجوارحِ من الأقوال والأعمال والمقاصد في الظاهر والباطن، وإن من المداخل التي يتسلل منها الشيطان علينا أنه يصرفنا أو يزهدنا في صغائر العمل.
وأن مقامك وطموحك في معالي الأمور، فيتقاصر أحدنا عن المعالي، ويأنف مما يعده صغيرا من أعمال الخير والبر، وتمضي الأيام، وتطوى الأعوام، والإنتاج ضعيف، فيا ضيعة الأعمار تمضي سبهللا، ولكن دعونا نخوض هذا البستان وهو بستان الخيرات، نتفيأ في ظلاله، ونرتوي من نميره، ونشم من عبيره، ونقلب في خبايا كتب السنة الصحيحة عن هذه الثمار اليانعة، والأزهار الرائعة، فحينما ترطب شفتيك بتسبيحة وتحميدة وتهليلة وتكبيرة فأنت فى صدقات لا تكلفك جهدا، ولا تنقصك مالا، واستمعوا إلى هذه القصة النبوية، التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي.
فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له” قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا؟ قال ” في كل كبد رطبة أجر” رواه البخارى ومسلم، فقد شكر الله العظيم الجليل لهذا الرجل، ومنحه مغفرته التي يتنافس عليها المتنافسون مقابل ماذا؟ هل قاتل في سبيل الله حتى ذهبت روحه؟ كلا، وإنما من أجل حفنة ماء ملء الخف ليسقي بها كلبا من الكلاب، واستمع إلى هذا الخبر العجيب عن أبي هريرة عن النبي صلى لله عليه وسلم قال “لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس” رواه مسلم، وفي لفظ في الصحيحين “بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له” رواه البخارى ومسلم، والشكر من الله والمغفرة والجنة لهذا الرجل مقابل ماذا؟ فقد أزاح غصن شوك يؤذى الناس من طريقهم.
فما أعظم فضل الله، وما أوسع أبواب الخير، فإن عجزنا عن مكابدة الليل، وصيام النهار، والجهاد في سبيل الله لتكفير ما بدر من تقصيرنا وخطايانا، فثمة باب يسير من أبواب الخير يحصل به المراد في تكفير صغائر الذنوب، وهو كثرة الوضوء لئن كان الماء ينظف البدن من الأوساخ فإن ماء الوضوء يطهر من أوساخ الذنوب، ومن أعمال الخير اليسيرة التي رتب عليها أجور كثير هو المشي إلى المسجد، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى لله عليه وسلم “من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنة ذاهبا وراجعا” رواه أحمد وابن حبان، وأنه لا يخلو أحدنا أن استوقفه شخص في يوم من الأيام يستوصفه عن طريق أو معلم ما، لكن من يحتسب عمل هذا الخير ويعلم أنه صدقة في الإسلام.
زر الذهاب إلى الأعلى