مقالات

الدكروري يكتب عن الجوار الذي تعارف عليه الناس

الدكروري يكتب عن

الدكروري يكتب عن الجوار الذي تعارف عليه الناس 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الله عز وجل ذو سلامة لعباده، ويتبين ذلك في التفكر في خلق الله تعالي للإنسان، فقد أعطاك جهاز مناعة وهو جيش عرمرم بكل ما في هذه الكلمة من معنى وهذا الجيش في فرقة استطلاع وفرقة تصنيع

 السلاح وفرقة مقاتلين وفرقة خدمات وفرقة مغاوير وخمس فرق في هذا الجيش من أجل سلامتك ومن أجل مكافحة الأمراض، ومن جعل كل كلية فيها عشرة أضعاف حاجة الإنسان ؟ أنت تملك كليتين والطاقة لهاتين الكليتين عشرون ضعفا عن حاجتك لأن الله ذو السلامة لعباده، ومن جعل في القلب مركز تنبيه خاص ؟ فالقلب لأنه من أنبل أعضاء الإنسان وعلى نبضه تتوقف حياة الإنسان جعل الله في القلب مركزاً كهربائيا خاصا، تتلقى منه الأمر بالنبض، ماله علاقة بالشبكة العامة فالقلب يتلقى أمراً بالنبض من مركز كهربائي ذاتي. 

فإذا تعطل هذا المركز هناك مركز احتياطي فإذا تعطل الثاني هناك مركز احتياطي ثالث لأن الله ذو السلامة لعباده، لذلك هذا الاسم يعطينا شعورا أن الله تعالي يحبنا وأنه صمم أجسامنا وصمم ما حولنا تصميما رائعا بحيث تكون المحصلة هي السلام، ومن أهم أنواع السلام هو السلام مع الجيران، وإن الجوار الذي تعارف عليه الناس هو الجوار في المنزل الذي يعيش فيه الإنسان فحسب، وهذا مفهوم قاصر، فإن الجوار العام يشمل من يجاورك في دارك، ومن يجاورك في العمل أو المتجر أو المسجد أو الطريق، وكل من يليك في البلدة التي تعيش فيها وما يجاورها، والدولة المسلمة وما يجاورها، ويعتبر الجوار بين الدول مثل الجوار بين الأفراد حيث يطلب فيه الإحسان وعدم الاعتداء، وما قامت الحروب بين الدول المتجاورة إلا بسبب انتهاك حقوق الجوار. 

وإن للجار على جاره حقوقا يجب الوفاء بها، وعدم التقصير فيها والتماطلِ في أدائها، ويتفاوت الجيران في استحقاق هذه الحقوق زيادة ونقصانا، لاختلاف الروابط والعلاقات الزائدة على هذه الرابطة، فإن من الجيران من له حق، ومنهم من له حقان، ومنهم من له ثلاثة حقوق، فالأول هو الجار الكافر، والثاني هو الجار المسلم الذي ليس من الأقارب، والثالث هو الجار المسلم القريب، وإن أداء هذه الحقوق لا يرتبط بصلاح الجار وعدم صلاحه، ولذلك تؤدى هذه الحقوق لجميع الجيران، فالجار يشمل الجار المسلم والكافر، والعابد والفاسق، والصديق والعدو، والبلدي والغريب، والنافع والضار، والقريب والأجنبى، وللجوار مراتب فليؤدى لكل جار حقه، وإن من حقوق الجار على جاره، هو حمايته من كل سوء يعرض له، والدفاع عنه، وحفظه في أهله وماله حال غيبته.

والتضحية من أجله، في حدود المقدور عليه، ما عدا غير المستطاع، وهذا الحق إن كان من حق المسلم على المسلم، فالجار من أحق الناس به، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” فمعنى لا يسلمه أي لا يخذله، ولا يتركه لعدوه، بل ينصره وينجده، وهذا الصنيع الشجاع يدل على شرف الجار المُعين، وعلو همته ونجدته، وكرم شيمه وسمو أخلاقه، وقد كان هذا الخلق النبيل فخرا وشرفا، يفتخر به العربي في الجاهلية والإسلام، وإن هذا الحق الكبير عند ذوي النفوس العلية، والخصال الزكية، لا يسقط بالجفاء والأذية، والفعال غير الرضية، بل يبقى ليؤدى، ولعله سيكون سببا لهداية ذلك الجار البعيد عن إحسان الجوار، وتغيير أسلوبه المعوج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock