دين ودنيا

الدكروري يكتب عن شجاعة النبي محمد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أفضل الناس مروءة، وخلقا، وجوارا، وحلما، وكان أصدقهم حديثا، كما كان عفيفا، كريما، بارا، وفيّا، قويا، أمينا، حتى سمّاه قومه الأمين ولم يكن يشرب الخمر، ولا يحضر للأصنام والأوثان عيدا، وكان ينفر من تلك المعبودات الحقيرة، المعبودات الباطلة، ولم يكن يصبر على سماع الحلف باللات والعزى، ولقد حفظ الله عز وجل رسول الله صلي الله عليه وسلم في شبابه من كل سوء، حيث ورد عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال “ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبينه، ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب، فقال أفعل، فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفا،

فقلت ما هذا؟ فقالوا عرس فلان بفلانة، فجلست أسمع، فضرب الله على أذني فنمت، فما أيقظني إلا حرّ الشمس، فعدت إلى صاحبي فسألني، فأخبرته، ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت بمكة فأصابني مثل أول ليلة، ثم ما هممت بسوء” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة، فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استبرأ الخبر وهو على فرس لأبى طلحة عُري، أى مجرد من السرج، وفي عنقه السيف، وهو يقول لم تراعوا، لم تراعوا أى بمعنى لا تخافوا ولا تفزعوا” رواه البخارى، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه “ما رأيت أشجع ولا أنجد، أى بمعنى أسرع في النجدة، من رسول الله صلى الله عليه وسلم” وإن الأمثلة الدالة على شجاعته وقوته صلى الله عليه وسلم من سيرته وحياته كثيرة.

ومنها شجاعته صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر وأحد وغيرهما من غزوات، فقد قاد النبي صلى الله عليه وسلم المعارك والقتال بنفسه، وخاض غمار الموت بروحه، وقد شُج في وجهه، وكُسرت رباعيته كما روى البخاري ومسلم، وأيضا في يوم حنين فقد ثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه الآلاف من هوازن، بعد أن تفرق عنه الناس خوفا واضطرابا من الكمين المفاجيء الذي تعرضوا له من هوازن، ويصف البراء بن عازب رضي الله عنه، هذا الموقف فيقول لرجل سأله” أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال ” أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولى، ولكنه انطلق أخفّاء من الناس وحُسّر أى من لا سلاح معهم، إلى هذا الحي من هوازن وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل كأنها رجل أى قطيع، من جراد فانكشفوا.

فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر وهو صلى الله عليه وسلم يقول ” أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب” رواه مسلم، فلم يفرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من معركة قط، وما تراجع خطوة واحدة حين يشتد القتال، ولكن تقوم الحرب وتشرع السيوف، ويدور كأس المنايا على النفوس، فيكون صلى الله عليه وسلم في هذه اللحظات العصيبة أقرب أصحابه من الخطر، لا يكترث بعدوه ولو كثر عدده، ولا يأبه بالخصم ولو قوي بأسه، ومن ثم كان أصحابه يحتمون به عند النوازل والشدائد وهو ثابت شجاع، قال البراء “كنا والله إذا احمر البأس أى الحرب، نتقى به، وإن الشجاع منا للذي يحاذى به ، يعنى النبي صلى الله عليه وسلم ” رواه مسلم، وقال ابن كثير في تفسيره بعد سياق هذا الحديث.

” وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة، أنه في مثل هذا اليوم في حومة الوغى، وقد انكشف عنه جيشه، وهو مع هذا على بغلة، وليست سريعة الجري، ولا تصلح لفر ولا كر ولا هرب، وهو مع هذا يركضها على وجوههم وينوه باسمه”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock