مؤتمرات

الدكروري يكتب عن تحقيق التضامن الأسري

الدكروري يكتب عن تحقيق التضامن الأسري
بقلم/ محمـــد الدكــــروري

إن الدنيا هي حلوة في الذوق خضرة في النظر يستلذ بها الذائق، ويتمتع بها الناظر، ولكنها قد عجلت للطالب فليس لها دوام وثبات حتى يتمتع بها على وجه الكمال وألبست بقلب الناظر فاشتبهت لديه حتى غدا مولعا بحبها، مفتونا بحضرتها ونظارتها، فيجب علي العبد التهيؤ للرحيل واستعدادا للموت ونزول الفوت بأحسن ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى والأعمال الصالحة ولا تسألوا فيها فوق الكفاف ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ، فيا أيها الموسرون، لأقربائكم الفقراء حق عليكم، بل إن الفقهاء يقولون لا تقبل زكاة مسلم وفي أقربائه محاويج، يجب أن يبدأ الغني بأقربائه، من أجل تحقيق ما يسمى بالتضامن الأسري وهو أحد الحلول الناجحة لمعالجة مشكلة الفقر، فإن هناك أغنياء ينسون أقرب الناس إليهم، هم في واد، وأقربائهم في واد، لا يلين لهم قلب.

ولا يتحركون بالمساعدة، مع أن الله سبحانه وتعالى يحثنا ونبينا عليه أتم الصلاة والتسليم على معاونة الأقارب، كم أطرب حينما أستمع إلى أسرة شكلت لجنة لتفقد أحوال أفرادها، هناك طالب يحتاج إلى قسط جامعي، هناك شخص يحتاج إلى عملية جراحية، هناك شاب يزمع الزواج، لو أن أغنياء كل أسرة شكلوا مجلسا، وتفقدوا أحوال أفراد أسرهم، لكانوا عند الله مرضيين، فيقول ابن القيم” إن لم تكن هذه قطيعة، فإنا لا ندري ما هي القطيعة المحرمة، والصلة التي أمر الله بها” والنبي صلى الله عليه وسلم قد قرن حق الأخ والأخت بالأب والأم، كم من أب يموت، ويدخل أولاده المحاكم، يتنافسون على حطام الدنيا، على شيء يسير، لا يرحم بعضهم بعضا؟ وكم من أسرة، فيها قطيعة من عشرين عاما سببها البخل وسببها القسوة وسببها قطيعة الرحم؟

ولقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم حق الأخ والأخت بالأب والأم فقال “أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك فأدناك” رواه احمد، لذلك أجمع فقهاء المسلمين بالإجماع على أن الزوج يجبر على الإنفاق على زوجته، وأن الوالد يُجبر على الإنفاق على ولده الصغير، وعلى ابنته الأنثى، والابن يُجبر على الإنفاق على والديه، واختلفوا بعد ذلك في بقية فروع الأقرباء، فالزوج على زوجته، والابن على أبيه، والأب على ابنه، بل إن القاضي له سلطة في إجبار القريب على أن ينفق على قريبه، أما الصلة دينا فهي واجبة بإجماع الفقهاء، أما الصلة شرعا فواجبة في عامود النسب، وموضع اختلاف في بقية الأقرباء، فلو أن كل أسرة رعت هذه الأحاديث، وتفقهت في أحكام هذه الأحاديث، وطبقت هذه الأحاديث، والله لكنا في حال غير هذا الحال، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

“أنت ومالك لأبيك” رواه أحمد وابن ماجة، وقال صلى الله عليه وسلم ” من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئا مريئا” وعلى المولود له أي على الأب، وعلى الوارث مثل ذلك، أوجب الله تعالى على الوارث مثل ما أوجب على المولود له، وهذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه حبس عصبة صبي على أن يُنفقوا عليه الرجال دون النساء، حبس أي سجن عصبة صبي على أن ينفقوا عليه، ويقول سعيد بن المسيب جاء ولي يتيم إلى عمر بن الخطاب، فقال أنفق عليه؟ ثم قال لو لم أجد إلا أقصى عشيرته لفرضت عليهم، وعن زيد بن ثابت إذا كان أم وعم، فعلى الأم بقدر ميراثها، وعلى العم بقدر ميراثه، لو أن طفلا يحتاج إلى ألف جنية بالشهر، له أم وله عم، لو أن هذا الطفل مات وترك إرثا، من يرثه؟ بقدر نصيب أمه تنفق عليه في حياته، وبقدر نصيب عمه ينفق عليه في حياته، وقال العلماء ولا يعرف لعمر رضي الله عنه وزيد رضي الله عنه مخالف من الصحابة البتة.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock