مقالات

الدكروري يكتب عن الإيمان التام بالله سبحانه وتعالى

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الخوف والرجاء ينبغي أن يسيرا في خطين متوازيين في نفس الإنسان المسلم، جنبا إلى جنب، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، فالرجاء هو العلاج الواقي من الوقوع في القنوط واليأس، الذين جعلهما الله من سمات الكافرين والضالين، والرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب عنده، ولكن ذلك المحبوب المتوقع لا بد وأن يكون له سبب، فإن كان انتظاره لأجل حصول أكثر أسبابه فاسم الرجاء صادق عليه، وإن كان ذلك انتظارا مع انخرام أسبابه فاسم الغرور والحمق عليه أصدق من اسم الرجاء، وإن لم تكن الأسباب معلومة الوجود، ولا معلومة الانتفاء، فاسم التمني أصدق على انتظاره، لأنه انتظاره من غير سبب، وإن أعظم القيم وأساسها الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فمنه تنشأ، وبه تقوى، وحين يتمكن الإيمان في القلب يجعل المسلم يسمو فيتطلع إلى قيم عليا.

وهذا ما حدث لسحرة فرعون فإنهم كانوا يسخرون إمكاناتهم وخبراتهم لأغراض دنيئة، فقال الله تعالى فى سورة الأعراف ” وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين” فلما أكرمهم الله بالإيمان انقلبت موازينهم وسمت قيمهم، هددهم فرعون فأجابوا بقولهم، كما جاء فى سورة طه “لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذى فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا” وإن الثبات على القيم حصانة للمجتمع من الذوبان، وبه تفيض عليه طمأنينة، وتجعل حياته وحركته إلى الأمام، ثابتة الخطى، فهى ممتدة من الأمس إلى اليوم، لأنها في إطار العقيدة وسياج الدين، وقد حرم الإسلام كل عمل ينتقص مِن حق الحياة، سواء أكان هذا العمل تخويفا، أو إهانة، أو ضربا، أو اعتقالا، أو تعذيبا، أو تطاولا، أو طعنا في العرض.

فإن حياة الإنسان المادية والأدبية موضع الرعاية والاحترام، فعن هشام بن حكيم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا” رواه مسلم، فحق الحياة وحرمتها يستتبع توافر السلامة والأمان، ومن هنا أوصد الرسول صلى الله عليه وسلم الأبواب أمام كل من يستهينون بأقدار الآخرين وحقوقهم، خصوصا الحكام الذين قد يدهمون البيوت لتفتيشها، أو يعتقلون خصومهم، واعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم النظرة المجردة داخل بيت الإنسان اعتداء على حرمته، فقال في الحديث الذين رواه احمد، عن أبى ذر الغفارى رضى الله عنه “أيما رجل كشف سترا فأدخل بصره قبل أن يؤذن له فقد أتى حدا لا يحل له أن يأتيه، ولو أن رجلا فقأ عينه بسبب ذلك لهدرت”

أي لا يأخذ عليها دية، ونهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ترويع المسلم فقال “لا يحل لمسلم أن يروع مسلما” رواه أبو داود، وفى رواية أخرى “لا تروعوا المسلم فإن روعة المسلم ظلم عظيم” رواه البزار، وقال في حديث آخر”لا يقفن أحدكم موقفا يضرب فيه رجل ظلما فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه” رواه الطبراني، فتعريض الإنسان لأي فزع جريمة، وحق الحياة الآمنة من المخاوف والمظالم لا بد من إنباته في حياة الجماعة، وتصل العظمة بالرسول صلى الله عليه وسلم الرائد الأول والأعظم لحقوق الإنسان، حين يحفظ للإنسان كرامته بعد موته، فقد قال لمن أراد أن يكسر عظم ميت “لا تكسره فإن كسرك إياه ميتا ككسرك إياه حيا” رواه مالك، وابن ماجه، وأبو داود، وأمر بالترفق بالميت فقال “إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه” رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

ودعا إلى ستر سوءة الميت وعيوبه الشخصية، فقال “لا تسبوا الأموات، فإنهم أفضوا إلى ما قَدموا” رواه البخاري، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي، ولما عجب بعض الصحابة من ذلك نبههم إلى أن ذلك التكريم لمحض آدميته، ولمجرد إنسانيته.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock