دين ودنيا

الدكروري يكتب عن مواقف تقتضي السماحة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إذا أردنا أن ننشر المودة والمحبة بين الناس فيجب علينا إفشاء السلام فإن إفشاء السلام يقوّي العلاقات بين الناس، وينشر بينهم الألفة والمحبة والتكافل، ويزيل من قلوبهم الأحقاد والضغائن، ويوثق عرى الأخوة بينهم، وكما علينا أن نتسامح فيما بيننا، فإن الإسلام هو دين السماحه والتسامح، وإن هناك مواقف تقتضي السماحة، ومنها السماحة في الجهاد، ولا يكمل أجر المجاهد إلا بالسهولة والسماحة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” فإن الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام، وأنفق الكيمة، وياسر الشريك، واجتنب الفساد، فإن نومه ونبهه أجر كله” رواه أبي داوود ، والمعنى يريد موافقته في رأيه مما يكون طاعة، ومتابعته عليه وقلة مشاحته فيما يشاركه فيه من نفقة أو عمل، وأيضا السماحة مع الزوج، وتظهر آثار السماحة في جميع مظاهر حياة صاحبها.

فانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجته السيدة عائشة بنت أبى بكر رضي الله عنهما حين قصدت الحج والعمرة، فأصابها الحيض، فحزنت لعدم تمكنها من أداء العمرة، وبكت لذلك وقالت ” يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة؟ فيقول جابر بن عبد الله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا، حتى إذا هويت الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبد الرحمن بن أبي بكر فأهلت بعمرة من التنعيم قال النووي، سهلا أي سهل الخلق، كريم الشمائل، لطيفا ميسرا في الخلق” رواه مسلم، فما أعظم سماحته صلى الله عليه وسلم مع أهله في مثل هذا الموطن المزدحم، وفي حال السفر، وأيضا السماحه مع المدعوين، فيجب تأمل سماحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوته فحين وجد ريح ثوم في مسجده، فقد نهي الصحابة عن أن يرد أحد مسجده قبل ذهاب ريح الثوم منه.

وكان المقصود بالنهي المغيرة بن شعبة يقول رضي الله عنه أتيته فقلت يا رسول الله إن لي عذرا، ناولني يدك قال فوجدته والله سهلا فناولني يده، فأدخلتها في كمي إلى صدري، فوجده معصوبا، فقال إن لك عذرا ” فعذره حين وجد أنه أكل الثوم لمرض، وكم نحتاج إلى أن نتأسى بهذه السماحة مع المدعوين لنكون مبشرين غير منفرين، ميسّرين غير معسّرين، وأيضا من مكارم الأخلاق هو الصبر، وهو امتلاك النفس عند مواطن الشدة، وترك الشكوى عند البلاء، والصبر يكون واجبا أحيانا وذلك في فعل الطاعات، ومندوبا أحيانا أخرى في أداء المستحبات، وحرام في نواحى، مثل الصبر عن الطعام والشراب حتى يوشك الإنسان على الهلاك، ومن صور هذا الخلق الكريم هو الصبر على الطاعات، والصبر عن المعاصي، والصبر على ما يصيب المسلم من مصائب وفتن.

وإن العلاقة بين الصبر والسماحة وهو إن مما عرف به رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان قوله صلى الله عليه وسلم الإيمان، الصبر والسماحة” صحيح الجامع، حيث عرف الإيمان بحسن المعاملة مع الخالق والمعاملة مع المخلوق، وكأنما يريد بالصبر علاقة العبد مع ربه، بالصبر على طاعته، والصبر عن معصيته والصبر على أقداره، وكأنما أراد بالسماحة علاقة العبد بأخيه بحيث تغلب عليها السهولة والمياسرة والسماحة، وقابلية التوسيع والتناول لرضى الله، وفيما يرضي الله وربما كان من حكمة الربط بينما أن السماحة تقتضي قدرا كبيرا من الصبر، وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر ” رواه الطبراني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock