دين ودنيا
الدكروري يكتب عن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد أخبر النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، وأنذر كثرة الفساد، وظهور المنكر، وتغير الأحوال، وذلك من علامات نبوته صلي الله عليه وسلم، والوقوع في الحرام منذر بشرّ كبير، وخطر عظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال في سورة المؤمنون ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟” أي من أين يُستجاب لمن هذه صفته وكيف يستجاب له، وعن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
“لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه” أي يُسأل عن ماله من أين اكتسبه؟ أمن حرام أو حلال؟ وفيما أنفقه، أفي طاعة أم معصية؟ وإن أهم ما ينبغي للتاجر أن يلتزم به في تجارته هو أن التاجر المسلم داعية إلى دين الله بسلوكه وحسن تعامله مع الناس، فهو داعية بلسان الحال وإن لم يكن كذلك بلسان المقال، وقد ذكر بعض أهل العلم تحليلا لكلمة تاجر حيث قال التاء تعني تقوى، والألف أمين، والجيم جسور، والراء رحيم، فالتاجر المسلم تقيّ أمين جسور رحيم، وإن من الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها التاجر هو الصدق والأمانة وهما أرفع صفات التاجر المسلم، وبهما مدح النبي صلى الله عليه وسلم التجار فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “التاجر الصدوق الأمين مع النبيين، والصديقين، والشهداء” أي من تحرّى الصدق والأمانة، كان في زمرة الأبرار من النبيين والصديقين، فالصدق خلق رفيع، حث الله تعالي عليه في قوله تعالى في سورة التوبة ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” وقال القرطبي “فحق مَن فهم عن الله وعقل عنه أن يلازم الصدق في الأقوال، والإخلاص في الأعمال، والصفاء في الأحوال، فمن كان كذلك، لحق بالأبرار ووصل إلى رضا الغفار” وإن من الأمور التي ينبغي أن يصدق فيها التاجر هو الصدق في وصف السلعة، وفي مقدار الربح إن أظهره للمشتري فالإسلام يريد بناء المعاملات على الصدق والأمانة والنصح، وينهى عن الخداع والتغرير والتدليس لما يجره من غش يترتب عليه العداوة والبغضاء، وأكل أموال الناس بالباطل.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على صُبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء يا رسول الله، قال أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غشّ، فليس مني” والغش معناه كتم عيب المبيع، والمراد بالعيب كل وصف يعلم من حال آخذه، أنه لو اطلع عليه لم يأخذه بذلك الثمن الذي يريد بدله فيه، ويقول الصنعاني “والحديث دليل على تحريم الغش، وهو مجمع على تحريمه شرعا، مذموم فاعله عقلا” ومن صور الغش هو النجش وهو أن يزيد الإنسان في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، بل ليوقع غيره فيها، أو يمدح المبيع بما ليس فيه ليروّجه، ويقع ذلك غالبا بمواطأة مع البائع فيشتركان في الإثم، وقد يقع ذلك أحيانا بغير علم البائع، فيأثم الناجش وحده، وبيع النجش باطل وحرام لما فيه من خديعة المسلم، وأكل المال بالباطل، وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش”