بقلم الكاتب مصطفي كمال الأمير
عيش حرية عدالة اجتماعية كانت هذه الشعارات التي شهدناها جميعا في مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير 2011 ضد مبارك
وبعدها ثورة 30 يونيو 2013 ضد جماعة مرسي
عندما خرجت ثورة الشباب وجماهير الشعب الغاضبة مطالبة بالإصلاح السياسي والإجتماعي والإقتصادي (
ولم يكن أبدا من بين أهدافها أسقاط النظام الحاكم
ولكن سيناريو الأحداث وتداعياتها ودماء الشهداء قبل وبعد موقعة الجمل بميدان التحرير
أستفزت الشعب ورفعت مطالبه الي السماء بعدم سرعة إستجابة المخلوع مبارك لمطالب الشعب العادلة
ثم تنحيه عن السلطة في يوم 11 فبراير 2011
ظل ً
ودخولنا للمرحلة الإنتقالية وحكم المجلس الأعلي للقوات المسلحة المصرية
ثم سوء إختيار الشعب المخدوع بالشعارات الدينية وإنتخابه لجماعة إخوان المرشد في البرلمان والمحليات والرئاسة أيضا كان مولانا مرسي العياط وخيانته لأمانة رئاسة مصر وإختزال الثورة في الشرعية والشريعة
بغرض تحويل مصر العظيمة بكل تاريخها العريق الي مجرد ولاية إخوانية أو مصرستان في دولة الخلافة الوهمية
وهو ما ثار عليه شعب مصر وحركة تمرد في ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وساندها الجيش والمشير السيسي وزير الدفاع
الذي كان قد عينه مرسي نفسه !
وبعده جاء حسب خارطة الطريق والدستور الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور
المشير عبدالفتاح السيسي الذي أصبح رئيسا لمصر منذ ٢٠١٤
وأعيد انتخابه عام ٢٠١٨
مكافأة له من الشعب علي إنقاذه للثورة وتصحيح مسارها وأمامه تحديات هائلة بالقضاء علي الإرهاب الإخواني والفساد من رموز نظام مبارك الحاصل علي البراءة القضائية وخروج كل رجاله للحياة ومحاولة الإلتفاف والعودة للمسرح السياسي مجددا
وهو ما لن يقبله أبدا شعب مصر سواء من كهنة المعبد بالحزن الوثني أو من عناصر تنظيم الإخوان المجرمين
لهذا فإن المصريين لن يلبسوا مرة أخري الطربوش التركي العثماني أو العمامة الإيرانية
ولن تعود مصر أبدًا ولاية تركية أو مستعمرة إنجليزية
وماأود الحديث عنه الآن هي المطالب الأجتماعية والتي كانت ومازالت هي المطالب الفئوية العمال بالمصانع والعاملين بالدولة المطالبين بالتثبيت أو زيادة الأجور والفلاحين بتحسين احوالهم بسياسات زراعية مفيدة وناجحة والصيادين أيضا بأعالي البحار
لأن مؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة والأزهر والكنيسة والقضاء والصحافة ورجال الأعمال والرياضة يتمتعون جميعا بخدمات صحية ومالية وأجتماعية
لم تكن متاحة أبدا أو في متناول الشعب المعدم محدود الدخل والقدرة
بعد تراجع دور النقابات المهنية وأختراقها أمنيا وقضائيا وماليا
بداية بالجيش المصري الذي حقق الإكتفاء الذاتي من النقل والغذاء والدواء والمهمات المدنية والعسكرية وخدماته الشاملة للضباط وضباط الصف والجنود من مستشفيات للخدمة الصحية ومشاريع إسكان الضباط وجمعيات التموين والغذاء والمدارس للأبناء وقروض الزواج والسيارات ورحلات العمرة والحج وقطاع النوادي والفنادق التابعة للجيش بكل مصر مع المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع
الناجين الوحيدين من موجة الخصخصة في زمن مبارك بسبب الإدارة الجادة المنضبطة التي حققت ربحية وجودة إنتاج وإدارة مسؤولة
بالأضافة الي الرواتب العالية والتسهيلات للأبناء بالتعيين في أماكن مرموقة بالدولة بعد إنتهاء خدمتهم العسكرية
وشرحه ولو بدرجة أقل لضباط الشرطة خدميا وصحيا
وربما يوجد بها سوء أستخدام للنفوذ والسطوة والفساد المالي والإداري
أما الأزهر بهيئاته وبدعم من وزارة الأوقاف الغنية بمواردها فلديه تقريبًا مليون طالب وطالبة من الأبتدائي حتي الإعدادي والثانوي وجامعة الأزهر ومستشفياته الأربعة الخاصة بالجامعة الأعرق عالميًا
مع مدينة البعوث الإسلامية التي تأوي عشرات الآلاف من طلبة العلم بالدول العربية والإفريقية والإسلامية
أما الكنيسة المصرية فبعد وفاة نظير جيد روفائيل المعروف بالحكيم البابا شنودة عن 89عاما
وبعد اربعة عقود علي الكرسي البابوي كان فيها صمام أمان للوحدة الوطنية خاصة أيام مبارك وتصادم مع السادات فقام بعزله أجرائيا قبل أغتيال السادات في منصة عرض أكتوبر
1981 وقد أحدث البابا الراحل طفرة هائلة للكنيسة فلم تعد مجرد مكانا للصلاة والعبادة فقط
لكنها أصبحت أسلوب حياة متكاملة من الرهبنة لخدمات للشباب والصحة والثقافة
وبدعم الدولة وأثرياء الأقباط المعروفين وأيضا الأديرة الشاسعة علي طول مصر وعرضها والكنائس المصرية في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا ( 200 كنيسة مع 20 دير قبطي في الخارج )
فحدث أن تغير دورها كليًا من كنيسة الدولة الي دولة الكنيسة
وهو مايزيد من صعوبة المهمة للبابا تاوضروس ( وجيه صبحي باقي ) الذي تم أنتخابه من المجمع المقدس عام ٢٠١٢
أي أنه لا يعين من الدولة مثل فضيلة مفتي الديار المصرية وشيخ الأزهر بعد ثورة يوليو
وهو ما يجب تصحيحه بإنتخابه داخليًا من الأزهر
كما كان قبل أعوام الستينيات أيام الزعيم جمال عبد الناصر
وقد نجا شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي من مصير غامض لموالاته نظام مبارك
بعد وفاته ودفنه بالمدينة المنورة قبل ثورة 2011 وخلفه الشيخ الدكتور أحمد الطيب
أما القضاء فبعد أن راوح مكانه من الأنتخابات البرلمانية والرئاسية وقضية التمويل الأجنبي وإطلاق سراح الأمريكان خلسة لخارج مصر
فقد أصيب القضاء بأضرارا كبيرة قد تؤثر علي قبول الشعب بالأحكام علي رموز النظام السابق خاصة أذا كانت مخففة أوبالبراءة
وهو ما حدث بالفعل وحصلوا كلهم علي البراءة
وتوفي مؤخراً محامي مبارك فريد الديب
ويوجد للقضاة وعائلاتهم خدمات صحية وأجتماعية وأولوية للأبناء للتعيين في النيابة والقضاء والدولة ألخ
أما الصحافة في مصر فقد أبتليت بالأنتهازيين الذين يأكلون علي جميع الموائد ويطبلون للحاكم سواء كان ظالماً أو مظلومًا بالحق والباطل
بالأضافة لخدمات مؤسساتهم ونواديهم ونقابة الصحفيين وعملهم في الخليج أو في عديد برامج الفضائيات للوجاهة والمال
لكن هناك أقلية ممن يحملون لواء السلطة الرابعة بكل ضمير وأمانة ورأي حر
أما رجال الأعمال من الحيتان والقطط السمان فقد تضخمت ثرواتهم سريعا وتزاوجوا مع السلطة الحاكمة في الحزب والحكومة في زواج غير مقدس ومقامرة كبيرة ذهبت في طوفان الثورة
بعد أن كونوا جماعة مصالح من المنتفعين من الطفيليين في المحليات والأعلام والأحزاب وقنواتهم الخاصة التي خلخلت أولويات المجتمع
ورياضيا كما نعرف فإن الأشتراك في النادي الرياضي للأبناء لممارسة الرياضة ارقام تصل لمليون جنيه للعضوية العاملة
وهو ترف أقرب الي المستحيل
بعيدا عن مراكز الشباب المُهمَلة وفسادها مع الرغبة في الرياضة والشهرة والمال بالملايين كلاعبي كرة القدم
وهنا نعود لباقي فئات الشعب المصري المحروم من كل تلك الخدمات والمزايا والحقوق في أبسط أسس الحياة المدنية الحديثة لحد الكفاف فضلا عن الكفاية والرفاهية فأتجه للأضرابات والأحتجاجات وقطع الطرق لأنتزاع حقوقه لتردي الأوضاع الصحية والمعيشية والأجتماعية والتي قامت من أجلها ثورة 25 يناير الشعبية
وهي نفس مبادىء قيام ثورة يوليو منذ سبعون عاما حتي 2022
والتي لم تتحقق بعضها حتي تاريخه
مع الإكتواء بنار الإرهاب والدماء المصرية داخل وخارج الوطن
إنه يستحيل قيام ديمقراطية حقيقية في مصر بدون وجود أحزاب قوية لها قواعد شعبية وبرامج فعالة للعمل السياسي والاجتماعي
علي الاحزاب المصرية الكرتونية الخاوية الحالية قبول التحدي
والتقدم بمرشحين أكفاء لانتخابات المحليات القادمة
وانتخابات الرئاسة المصرية للمنافسة لخلافة الرئيس الحالي
عبد الفتاح السيسي في عام 2024 وهي الحد الاقصي ( حسب دستور 2014) للرئيس السيسي لرئاسة مصر
لتحديد من هو رئيس مصر القادم عام 2024
تحدي سهل وبسيط جداً لكنهم عاجزون عنه !!
هل يكون لدينا عدلي منصور جديد هو رئيس المحكمة الدستورية العليا الحالي
المستشار سعيد محمد مرعي عمرو الذي أدي اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي قبل عامين
أو يكون الرئيس المؤقت هو رئيس البرلمان الحالي المستشار حنفي الجبالي
وبعد إلغاء منصب نائب الرئيس في دستور 2014
وعدم تدارك ذلك الخطأ في التعديلات الدستورية عام 2019
ومن يصلح من الاحزاب السياسية المهلهلة لقيادة سفينة مصر الكبيرة وسط هذه الأمواج العاتية المتلاطمة بعد ازمة غذاء عالمية سببتها حرب روسيا وأوكرانيًا
والخراب الذي أصاب الوطن العربي بعد اندلاع الحروب الأهلية في سوريا ليبيا واليمن
السيناريو الأقرب هو الرئيس الروسي بوتين مع رئيس وزراءه
ميدفيديف وذلك بتبادل المناصب والعودة بعدها للرئاسة
فهل يكون الفريق كامل الوزير هو الرئيس القادم لمصر من ٢٠٢٤ وتحقيق رؤية الرئيس السيسي مصر ٢٠٣٠
لحسن حظ المصريين أن الرئيس السيسي جمع بين زعامة عبد الناصر ودهاء السادات
ولا شيء من عناد مبارك وغباء مرسي
ختاماً لا نكتفي فقط بعرض المشكلة لكننا نقدم الحلول العملية لها
أولاً يجب إعادة منصب نائب الرئيس في الدستور الجديد
وإعادة الحياة للأحزاب السياسية الميتة إكلينيكياً
إصدار قرارت حاسمة فيما يخص الانتخابات البرلمانية الحالية لتصحيح مسار ثورة 30 يونيو
وتقديم برلمان حقيقي قوي يقوم بكل سلطاته الرقابية التشريعية
والتجهيز للانتخابات الرئاسية المصرية القادمة وتحديد موعدها دستورياً
مع تقديم مرشحين حقيقيين قادرين علي المنافسة الشريفة والقيادة وإدارة الدولة المصرية
بدلاً من انتخابات 2018 الشكلية مع مرشح وحيد ( موسي مصطفي ) الذي جاء ثالثاً بعد نسبة الأصوات الباطلة في الانتخابات
حتي نكسب ثقة واحترام العالم
وفتح القنوات الشرعية وإفساح المجال أمام المعارضة الوطنية الشريفة من داخل مصر
حتي نحصن جبهة مصر الداخلية بالقضاء نهائياً علي الفساد والإرهاب
ونقطع الطريق علي أعداءها المتربصين لها في الخارج
زر الذهاب إلى الأعلى