الدكروري يكتب عن الصادق الأمين مؤتمن

الدكروري يكتب عن الصادق الأمين مؤتمن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الصادق الأمين, مؤتمن على الأموال والحقوق والأسرار، ومتى حصل منه كبوة أو عثرة، فصدقه شفيع يقيه العثار، والكاذب لا يؤمن على مثقال ذرة, ولو فرض صدقه أحيانا, لم تحصل به الثقة والاستقرار، وما كان الصدق في شيء إلا زانه, ولا الكذب في شيء إلا شانه، وإن الصدق طريق الإيمان، والكذب بريد النفاق، وهناك أيضا صدق العبد بينه وبين ربه في الطلب والدعاء والعبادة، فعن أبي ثابت وقيل أبي سعيد، وقيل أبي الوليد، سهيل بن حنيف وهو بدرى رضي الله عنه أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال “من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه” رواه مسلم، وتأملوا أيضا ما صح عند الترمذى وغيره عن أبي هريرة رضى الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
“ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه” فانظروا مدى انتفاع المسلم بالدعاء والذكر إن وجد فيهما الصدق، ومدى خسرانه وعدم انتفاعه بذلك مع غياب الصدق من القلب والاقتصار على حركة الجوارح، كذلك الذى يستغفر ربه وفي قلبه نية العودة إلى الذنب، فهذا كما قال السلف، كالمستهزئ بربه، واستغفاره يحتاج إلى استغفار، وفي المقابل لو استغفر العبد ربه بصدق وعزم على عدم العودة إلى الذنب وندم على ما فات فإن الله يغفر له، ولو عاد فوقع في الذنب مرة أخرى واستغفر بنفس الصدق السابق ذكره لغفر الله له، وكما ورد بذلك الحديث الصحيح، وذكر بعض العلماء فيما سلف من الزمان أن العبد إذا قال في استفتاح صلاته، قائلا وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، وقلبه مشغول بالدنيا فهو كاذب.
فأيّنا يحاسب نفسه على ألفاظه وأذكاره ودعواته، وما فيها من صدق وحضور قلب وصفاء نية؟ وأن الصدق في مقامات الدين وعباداته درجات متفاوتة، فمثلا يتفاوت المؤمنون فى صدق خوفهم من الله عز وجل، فإنك تجد كثيرا من المسلمين يصح إطلاق اسم الخوف في حقهم ولكن لا يبلغون حقيقته الكاملة، فمثلا ترى أحدهم إذا خاف سلطانا يصغر ويرتعد خوفا من وقوع المحذور، ثم إنه يخاف النار ولا يظهر عليه شيء من ذلك عند فعل المعصية، ولذلك قال عامر بن قيس، عجبت للجنة نام طالبها، وعجبت للنار نام هاربها، وقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وصحابته وسلف هذه الأمة قمة في الخوف من الله سبحانه وتعالى، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا رأى الريح تغير وجهه، وقام وأقبل وأدبر ويقول “ما يؤمننى أن قوما رأوا الريح.
فقالوا “هذا عارض ممطرنا” أى دائما كان فيه عذابهم، فإذا نزل المطر ذهب ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم، يصلي وحده فيبكى، والناس في العادة إنما يبكون في اجتماعهم معا في الصلاة، ولكن الخائفين من الله عز وجل، حقا كرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقع منهم البكاء في صلاتهم منفردين عن الناس، كما يقول عبد الله بن الشخير، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي “ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء” أى كصوت القدر يغلى بالماء، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من خوفه من الحساب والجزاء يقول ليتني كنت شاة ذبحها أهلها، فأكلوا لحمها، وحسوا مرقها” وكان بعض السلف يبكي بكاء شديدا عند قوله تعالى فى سورة الزمر ” وبدالهم ما لم يكونوا يحتسبون ” ويقول أحدهم هم قوم عملوا أعمالا ظنوها صالحة فوجدوها وبالا عليهم يوم القيامة.