بقلم / محمـــد الدكـــروري
تلعب المرأة دورا حيويا وفعّالا في بناء المجتمع، فهي اللبنة الأساسية فيه، وهي كالبذرة التي تنتج ثماراً تصلح بصلاحها وتفسد بفسادها لذا علينا أن لا نغفل عن دور المرأة في المجتمع، وأن نعطيها كامل حقوقها، ونضمن لها كرامتها، فهي من تَبني الأجيال ذكورا وإناثا لينهضوا بحضارتهم، ويصنعوا مستقبلاً واعداً لبلادهم، فللمرأة دور كبير في المجتمع صلاحا وفسادا، ولقد كان للمرأة المسلمة في التاريخ إسهام كبير في إغناء الحركة العلمية والفكرية والأدبية، وفي إقامة أسس الحضارة الإسلامية، فقد نبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلاف من العالمات المبرزات والمتفوقات في أنواع العلوم وفروع المعرفة وحقول الثقافة العربية الإسلامية، ومنذ عهد النبوة، كان للمرأة المسلمة شغف بطلب العلم والنبوغ فيه، فأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها.
كانت من أعلم الناس بالقرآن والفرائض والشعر وأيام العرب والتاريخ، وقال هشام بن عروة يروي عن أبيه “ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة” وكذلك أيضا العالمة الجليلة السيدة فاطمة بنت الحسين بن علي، كانت من أنبغ نساء عصرها وأكثرهن علما وورعا، وقد اعتمد على روايتها كل من ابن اسحاق وابن هشام في تدوين السيرة النبوية، والسيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي، كانت تحضر مجلس الإمام مالك بن أنس في المدينة المنورة، واشتهرت بعلمها وصلاحها، وبعد انتقالها إلى مصر، أقامت مجلسا علميا كان يحضره أشهر علماء عصرها، وفي مقدمتهم الإمام الشافعي الذي كان يزورها ويتدارس معها مسائل الفقه وأصول الدين، ولم ينقطع عن زيارتها والاستزادة من علمها حتى توفاه الله.
وكانت من المشيعين له، وزينب بنت عباس البغدادية، وكانت من أهل الفقه والعلم، وكانت تحضر مجالس شيخ الإسلام ابن تيمية، وشهدة بنت الأبري الكاتب، كانت من المبرزين في علوم الحديث، وقد تتلمذ على يديها عدد كبير من العلماء، منهم ابن الجوزي وابن قدامة المقدسي، وأم حبيبة الأصبهانية كانت من شيوخ الحافظ المنذري الذي ذكر انه حصل على اجازة منها، وفاطمة بنت علاء الدين السمرقندي كانت فقيهة جليلة، وكانت ترد على زوجها الشيخ علاء الكاساني صاحب البدائع خطأه في الفقه إذا أخطأ، ولقد كان حرص المرأة على المشاركة في الحياة العلمية يبدوا واضحا في المطالبة بمجلس علمي من رسول الله صلى الله عليه وسلم خاص بهن فقط، وأيضا حرص أمهات المؤمنين رضي الله عنهن على العلم والتلقي والسماع، وأيضا الجلوس إلى أمهات المؤمنين.
وارتياد مجالسهن، وخاصة الصحابيات الصغيرات والتابعيات، وأيضا الرحلة من الشام، وبغداد، والبصرة في طلب العلم، وخاصة الرحلة إلى حجرات أمهات المؤمنين، وكذلك أيضا مجالس العلم داخل الأسر، والسماع المرأة من الوالد العالم، والزوج، والأخ، وعقد مجالس نسائية علمية للسماع والتعلم، ولقد كان للمرأة المسلمة دورا بارزا منذ عهد النبوة وأنها كانت تقوم بنظافة المسجد، وكانت تقوم على بناء وإعمار المساجد، وكذا فإن الإسلام لا يريد دفن طاقات المرأة وسلب أي دور لها في المجتمع، بل العكس تماما فهو يريد أن يفعّل طاقات المرأة في الاتجاه الصحيح، لتكون عنصرا فعالا له دوره الإيجابي والبناء في المجتمع، فالفعالية في المجتمع ليست خاصة بالرجال.
بل هي تكليف للمؤمنات كما كانت تكليفا للمؤمنين يؤهل الإسلام المرأة لأن يكون لها كالرجل دور في جميع الأمور، فكما يؤدي الرجل دورا في جميع الأمور، فالمرأة أيضا تمتلك مثل هذا الدور، وإن التاريخ ليروي لنا قصص كثيرا من السيدات شاركن في العمل وركوب البحر مع الغزاة .
زر الذهاب إلى الأعلى