الدكروري يكتب عن ألا لا تغالوا بصُدق النساء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الكبر هو مختص بالله وحده عز وجل، فويل لمن أراد أن يكون شريكا لله بصافته، فقال الله تعالى في الحديث القدسي ” الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار ” وهذه المنازعة قد تسبب العقوبة في الدنيا قبل الآخرة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” بينما رجل يجرّ إزاره من الخيلاء خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة” أي هو يغوص فيها والعياذ بالله، والجزاء من جنس العمل، وكذلك يوم القيامة سيكون جزاء المتكبرين بأن يحشروا أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يُساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يُسقون من عصارة أهل النار وهي طينة الخبال، فهذا جزاء التكبر، هو الذل والصغار والإهانة والاحتقار يوم القيامة، ولقد مهر الرسول عليه الصلاة والسلام.
لزوجاته أمهات المؤمنين، ومهر بناته، ومهر الصحابيات رضي الله عنهن ولم يتعد اثنتي عشرة أوقية، فعن أبي سلمة بن عبدالرحمن، أنه قال سألت السيدة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت “كان صداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشّا، قالت أتدري ما النش؟ قال قلت لا، قالت نصف أوقية، فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه” وعن أبي العجفاء السلمي، قال خطبنا عمر رحمه الله، فقال “ألا لا تغالوا بصُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أَولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، ولا أصدقَت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية” وجاء عند النسائى عن أنس رضي الله عنه قال.
“خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت والله ما مثلك يا أبا طلحة يُرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهرى، وما أسألك غيره، فأسلم فكان ذلك مهرها، قال ثابت فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم، الإسلام، فدخل بها فولدت له” وقال ابن القيم رحمه الله “فتضمن هذا الحديث أن الصداق لا يتقدر أقله، وأن قبضة السويق وخاتم الحديد والنعلين يصح تسميتها مهرا، وتحل بها الزوجة، وتضمن أن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح، وأنها من قلة بركته وعسره” وهذا سعيد بن المسيب، سيد التابعين رحمه الله، خطب ابنته الخليفة عبدالملك بن مروان لابنه الوليد، فأبى عليه، وزوّجها لتلميذه عبدالله بن أبي وداعة، فيقول كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياما، فلما جئته، قال أين كنت؟ قلت توفيت أهلي، فاشتغلت بها.
فقال ألا أخبرتنا، فشهدناها؟ ثم قال هل استحدثت امرأة؟ فقلت يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال أنا، فقلت وتفعل؟ قال نعم، ثم تحمّد، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على درهمين، فقمت، وما أدرى ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلى، وجعلت أتفكر فيمن أستدين، فصليت المغرب، ورجعت إلى منزلى، وكنت وحدي صائما، فقدمت عشائي أفطر، وكان خبزا وزيتا، فإذا بابي يُقرع، فقلت من هذا؟ فقال سعيد، فأفكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب، فإنه لم يُرى أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فخرجت، فإذا سعيد، فظننت أنه قد بدا له، فقلت يا أبا محمد، ألا أرسلت إليّ فآتيك؟ قال لا، أنت أحق أن تؤتى، إنك كنت رجلا عزبا، فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك، فإذا هي قائمة من خلفه في طولهز
ثم أخذ بيدها، فدفعها في الباب، وردّ الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكيلا تراها، ثم صعدت السطح، فرميت الجيران، فجاؤوني، فقالوا ما شأنك؟ فأخبرتهم، ونزلوا إليها، وبلغ أمي، فجاءت، وقالت وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثًا، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق زوج، فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب، ثم أتيته وهو في حلقته، فسلمت، فرد عليّ السلام، ولم يكلمني حتى تقوض المجلس، فلما لم يبقى غيرى، قال ما حال ذلك الإنسان؟ قلت خير يا أبا محمد، على ما يحب الصديق، ويكره العدو، قال إن رابك شيء، فالعصا، فانصرفت إلى منزلي، فوجه إليّ بعشرين ألف درهم.
زر الذهاب إلى الأعلى