الدكروري يكتب عن أكبر الحقوق على المسلم
بقلم / محمــد الدكــروري
إن الله عز وجل فرض علي الإنسان فرائض وحد له حدودا، وأمره عز وجل بتأدية تلك الفرائض، كما أمره عز وجل بألا يتعدي تلك الحدود، وإن من أكبر الحقوق على المسلم وأوجبها حق الوالدين وكان من صفات أنبياء الله عليهم السلام التي مدحهم الله بها بر الوالدين والمقصود ببر الوالدين هو الإحسان إليهما بجميع وجوه
الإحسان قولا وفعلا، الإحسان بالكلام الطيب وخفض الصوت، والصلة المستمرة، والإحسان بالخدمة وبذل المال وقضاء الحوائج، والرفق بهما بمراعاة المشاعر وجبر الخواطر، والبحث عن رضاهما وتحصيل محبوباتهما، وإن بر الوالدين من أعظم شعائر الدين قضى به ربنا عز وجل، وثنى به، وعطفه على عبادته وتوحيده وكما قرن شكره بشكرهما وجعل أحب الأعمال إلى الله عز وجل بعد الصلاة لله عز وجل بر الوالدين.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال “الصلاة على وقتها” قال ثم أي؟ قال”بر الوالدين” والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لم يرخص لرجل في الغزو في الجهاد في سبيل الله إلا بعد أن يأذن له والداه، ولذلك لما جاءه الرجل يسأله قال أحي والداك؟ قال نعم، قال ” ففيهما فجاهد” وقال للآخر الذي سأله وقال له جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان، فقال “ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما ” وقال لآخر لما جاءها مهاجرا من اليمن هل لك أحد باليمن؟ قال أبواي، قال ” أذنا لك؟” قال لا، قال “ارجع إليهما فاستأذنهما” فإذا كان الجهاد فرض عين خرج بغير إذنهما مع التلطف معهما، أما إذا كان الجهاد فرض كفاية فإنه يتعين برهما لأن بر الوالدين فرض عين فلا يقدم على غيره.
ولو اختلف الدين، فإنه لا بد من برهما، ولما جاءت أم أسماء راغبة في صلة ابنتها، واستأذنت النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقالت إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها، قال “نعم” ولكنه لا يطيعهما في معصية وإذن لو كانا مشركين فإنه يعاملهما بالإحسان وقال سعد رضي الله عنه، وفيه نزلت الآية “كنت بارا بأمي فأسلمت، فقالت لتدعن دينك، أو لا آكل، ولا أشرب شرابا حتى أموت، فتعيّر بي، ويقال يا قاتل أمه، وبقيت يوما، ويوما، فقلت يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت” ويأمر الله عز وجل ويوصي بعد الأمر بعبادته والني عن الإشراك به ببر الوالدين والإحسان إليهما، وطيب الكلام معهما، خصوصا حال الكبر حيث يضعف الوالدان ويحتاجان إلى مزيد عناية وخدمة.
وقد يصدر منهما مالا يتوافق مع رغبة الابن، وينهى سبحانه عن نهرهما والإغلاظ عليهما حتى إنه سبحانه وتعالى، نهى عن مجرد التأفف لهما الذي علامة على عدم الرضا، ثم يرسم جل وعلا صورة بليغة للرفق بهما واللين معهما وهي خفض الجناح لهما، تشبيها بالطائر الذي يخفض جناحه لفراخه حنواعليهما، ثم يأمر سبحانه وتعالى بالدعاء لهما جزاء ما قدموا للولد حال صغره من عناية وتربية، وإن من المؤسف حقا أن نسمع بين الحين والآخر، أن من أبناء الإسلام من يتنكر للجميل ويقابل الإحسان بالإساءة بعقوق والديه وإن العاقل ليتساءل ما سبب انتشار مثل هذه الجرائم؟ ولا شك أن من أسباب انتشارها ضعف الإيمان، إذ لا يجرؤ على هذا الأمر إلا من ضعف إيمانه وخوفه من الله عز وجل.
زر الذهاب إلى الأعلى