الدكروري يكتب عن أحب الأعمال إلى الله عز وجل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن العلاقات الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة وصدقها، ولولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعا قائما على الكذب لندرك مبلغ تفككه وتمزقه، وانعدام صور التعاون والتلاحم بين أفراده، وقد أخرج الحاكم عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى يتحدث الناس بذلك فارتد ناس فمن كان آمنوا به وصدقوه وسمعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا هل لك إلى صاحبك يزعم أسرى به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال أو قال ذلك؟ قالوا نعم، قال لئن كان قال ذلك لقد صدق قالوا أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك.
أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق، فكيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟ وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة أو تاريخ أو حضارة في غياب الصدق بين أفراده؟ وكيف يوثق بنقل المعارف والعلوم إذا غاب الصدق في المجتمع؟ وكيف يوثق بنقل الأخبار والتواريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟ وكيف يوثق بالوعود والعهود ما لم يكن الصدق أساس التعامل بين الناس؟ وكيف يوثق بالدعاوى والشهادات ودلائل الإثبات، إذا غاب الصدق وحل محله الكذب والافتراء؟ وكيف يهنأ لمجتمع عيش إذا ما حلت به السنوات الخداعات، تقلب فيها الموازين، وينتشر فيها المكر والخديعة، والكذب والحيل.
وقد حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن انتظار الفرج عبادة عظيمة، وإن الواجب على من أصيب بأمر يضيق به صدره ويزداد به غمه أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل وينتظر الفرج، فهذه ثلاثة أمور وهم الصبر، واحتساب الأجر، وانتظار الفرج من الله عز وجل وذلك أن الإنسان إذا أصيب بمصيبة من غم أو غيره فإنه يكفر الله بها عنه سيئاته وخطيئاته، وما أكثر السيئات والخطيئات من بني آدم ” فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون” وإذا صبر واحتسب الأجر من الله أثيب على ذلك أي حصل له أمران التكفير والثواب، وإذا انتظر الفرج من الله عز وجل أثيب على ذلك مرة ثالثة، لأن انتظار الفرج حسن ظن بالله عز وجل، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى عمل صالح يثاب عليه الإنسان، وإن الانتظار هو الترقب والتربص.
وهو حالة نفسانيّة ينبعث منها التهيؤ لما تنتظره، وضده اليأس، فكلما كان الانتظار أشد كان التهيؤ آكد، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أفضل جهاد أمتي انتظار الفرج” ويقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه”انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله فإن أحب الأعمال إلى الله عز وجل انتظار الفرج” وهكذا فإن أفضل العبادة هو انتظار الفرج، وكما قال الله سبحانه وتعالي “أليس الصبح بقريب” فإن صبح المهمومين والمغمومين لاح، فانظر إلى الصباح وارتقب الفتح من الفتاح، وتقول العرب “إذا اشتد الحبل انقطع” والمعنى إذا تأزمت الأمور، فانتظر فرجا ومخرجا وقال سبحانه وتعالى “ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا” وفي الحديث الصحيح “أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء” وقوله تعالى ” فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا”
زر الذهاب إلى الأعلى