الدكروري يكتب عن سمات الحياة وعيشها
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن المرء في حياته ليس مبرءا من الشكوى إذ هي من سمات الحياة وعيشها، غير أن هذه الشكوى تحتاج إلى صاحب مروءة يواسي ذا الشكوى، أو يسليه، أو يتوجع له، ومع هذا كله فإنك أيها المرء المبتلى، مأمور إذا عز وجود المواسي أن تثق بالله رب العالمين، فهو سبحانه وتعالى رب المواسى، وأرحم

الراحمين، وأنه ربما أخذ منك لأجل أن يعطيك، ومنعك ليحميك من ضرر ما منعك عنه، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فإنها رفعة في الدرجات، وتكفير للسيئات، وأن من عجز عن مواساتك بماله فلن يبخل عليك بلسانه فيسليك بلفظه، أو يتوجع لك بقلبه، فتشعر أنك لست في الهم وحدك، وأن هناك من يبكي لبكائك ويحزن لحزنك، ومتى أوحشك خلو الواقع من المعين فإن للصبر عواقب أحلى من الشهد المكرر، فسبحان الله العظيم القائل فى سورة الزمر.
” وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” وإن مواساة الشخص الحزين ليس بالأمر السهل، وخاصة إذا كان شخصا عزيزا جدا، ومع ذلك هناك بعض الخطوات التي من الممكن اتباعها لمساعدته للتغلب على هذا الحزن، ومنها سؤاله بشكل مباشر عن سبب حزنه والتواجد من أجله وإشعاره بالاهتمام وبأنه ليس وحيدا في هذه المحنة، حيث تعد هذه الخطوة من أهم الخطوات لمواساة الشخص الحزين، وأيضا الاستماع والإنصات له وإفساح المجال لكي يعبر عن مشاعره وسبب حزنه، وأيضا تركيز الانتباه بشكل كامل على الشخص الحزين وتجنب مقارنة ما يمر به حاليا بمواقف أخرى حدثت في الماضي لأن الشخص عندما يكون حزينا فإنه لا يرغب بالاستماع لتجارب الآخرين، وإنما كل ما يحتاجه في هذه اللحظة هو التحدث عن نفسه وعن شعوره المؤلم.
وكذلك تجنب محاولة التركيز على الجانب الإيجابي للمشكلة أو لحالة الحزن في بداية المحادثة التي يتعرض لها الشخص الحزين لأن ذلك يجعله يشعر أن الآخرين يستخفون بمشكلته، وأن مشاعره ليست مهمةً بالنسبة لهم، بل يجب الانتظار لنهاية المحادثة، ومن ثم محاولة لفت انتباه الشخص للإيجابيات، وكذلك تجنب مقاطعته خلال حديثه بل يجب تركه يتحدث بعفوية حتى ينتهي تماما من كلامه، فكل ما يرغب به الشخص الحزين هو وجود من يستمع له بانتباه، وأن يعمل على إخراج المشاعر السلبية من داخله، وكذلك إبداء الاهتمام لما يقوله وذلك عن طريق تعابير الوجه واستخدام لغة الجسد، مثل الاتصال المباشر بالعين والإيماء بالرأس، وأيضا إسداء النصح له وذلك بعد الانتهاء من التعبير عن سبب حزنه بحيث يتم مناقشته عن خطوته التالية التي ينوي القيام بها.
وعرض بعض الحلول عليه، ومساعدته على وضع خطة لتجاوز هذه المحنةن وإذا كان الشخص يعاني بشدة فمن الممكن إقناعه بطلب الاستشارة من الطبيب النفسي، وكذلك عرض المساعدة عليه، مثل مقابلته بشكل دوري، والتحدث معه، أو مساعدته في الواجبات والمهمات الصعبة التي يتوجب عليه القيام بها، وعند عرض المساعدة عليه يجب التأكد من إمكانية الإيفاء بهذا الالتزام وعدم التهرب منه، وإعطاء الشخص الحزين الوقت الكافي للتعبير عن مشاعره وعدم استعجاله، كما لا يجب التقليل من ألمه أو الاستخاف بالمشكلة التي يمر بها، وأيضا تجنب استخدام أسلوب العتاب وإلقاء اللوم عليه عند مروره بمشكلة مكررة مثلا، كما لا يجب إصدار الأحكام عليه بإخباره بسوء تصرفه وتحميله نتيجة ما وصل إليه فهذا يجعله يشعر بمزيد من الاستياء، وأيضا السماح له بالبكاء كما يشاء وعدم منعه من ذلك .
زر الذهاب إلى الأعلى