الدكروري يكتب عن الصدق هو النجاة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إنها لنعمة عظيمة أن كنا من أهل هذه الأمة، التي هي خير الأمم، ووالله إن الحسرة كل الحسرة، أن تصطفى لتكون من هذه الأمة ثم تكون من الخاسرين، وكيف تخسر وأن تتعامل مع رب كريم رحيم، ولقد كان الصدق من رسول الله صلى الله عليه وسلم، معينا له في دعوته، وكان من أدلة صدقه في بعثته وفيما أخبر به عن نبوته، ولقد كان نبى الله يوسف عليه
السلام صادقا، لذلك اعترف له الرجل الذي جاء يستفتيه فقال كما جاء فى سورة يوسف ” يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان ” فأرسلوا أحد السجينين اللذين كانا مع نبى الله يوسف عليه السلام إلى يوسف في السجن ليسأله لأنه قال لهم، أنا آتيكم بالجواب، ذهب إليه فقال ” يوسف أيها الصديق ” وصفه بالمبالغة في الصدق حسبما علمه وجربه من أحواله في مدة إقامته في السجن.
وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغى للمستفتي أن يعظم المفتى، وهذا هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه مع الصدق، فهو صاحب النبى صلى الله عليه وسلم، الأول ورفيقه في الغار، وأبو بكر الصديق، سُمى صديقا لكثرة تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ” إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت في أول الأمر، وقال أبو بكر صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبى؟ فهل أنتم تاركو لي صاحبى؟ فما أوذى بعدها “رواه البخارى، وإن من الصحابة المشهورين بالصدق أيضا هو الصحابى الجليل أبو ذر الغفارى رضى الله عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيه ” ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ويقصد لا الأرض ولا السماء، من ذى لهجة أصدق من أبي ذر وهو شبيه عيسى بن مريم” رواه أحمد.
وكذلك فإن من الصحابة المشهورين بالصدق هو الصحابى الجليل كعب بن مالك رضى الله عنه فقد قال حين تخلف عن تبوك “والله ما أنعم الله علي من نعمة بعد إذ هداني أعظم من صدقى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا أكون كذبت فأهلك كما هلك الذين كذبوا حين أنزل الوحي ” سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون ” رواه البخارى، وعن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب بن مالك لما عمي قال “سمعت كعب بن مالك يحدث فينا حين تخلف عن قصة تبوك، فقال والله ما أعلم أحدا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلانى، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يومى هذا كذبا أبدا” رواه البخاري ومسلم، وإن من مجالات الصدق، هو الصدق في الأفعال.
وهو استواء الفعل على الأمر والمتابعة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أمر، كاستواء الرأس على الجسد، وهو أن تصدق السريرة العلانية، حتى لا تدل أعمالهم الظاهرة من الخشوع ونحوه على أمر فى باطنه، والباطن بخلافه، فالمراءون أعمالهم الظاهرة بخلاف بواطنهم، فلذلك ليسوا بصادقين في أعمالهم، بل هم من الكذابين، وإذا استوت علانية العبد وسريرته فقال الله تعالى هذا عبدي حقا، والأعمال منها ما يكون أعمال قلب ومنها ما يكون أعمال جوارح، والأمثلة في الصدق مع الله والإخلاص لله كثيرة ومنها قصة الثلاثة الذين أطبق عليهم الغار فقال بعضهم لبعض “إنه والله لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق الله فيه، توسلوا إلى الله بصالح أعمالكم، فكان كل واحد يذكر أرجى ما عمل في حياته لله وأصدق ما حصل منه لله.
حتى كان السبب في انفراجها ذلك الرجل الذي وفر أجرة الأجير وحفظها كأمانة ونماها له أيضا، حتى صارت واديا من المال، وجاء الأجير فصدقه في هذا المال المحفوظ عنده وأعطاه إياه وسلمه كاملا بعد تنميته، فهل أخذ أجرة على التنمية؟ بل هل التنمية واجبة عليه؟ لا، لكنه نماه مجانا ولم يأخذ أجرة على التنمية ولم يذكر في الحديث أنه قال له جزاك الله خيرا أو أثنى عليه، فاستاقه فلم يبق منه شيئا، حتى ما قال خذ نصفه أو خذ أرباحه وأعطني أجرتي فقط، أخذه فلم يبقِ منه شيئا فكان الفرج بسبب الدعوة الأخيرة مع الدعوات السابقة.
زر الذهاب إلى الأعلى