بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن للتنافس المذموم الممقوت أنواع كثيرة ومتعددة، ومنه التنافس على الدنيا وهذا ما حذر منه الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم وهو التنافس على الدنيا وزهرتها على حساب الآخرة وبهجتها وإن التنافس في الدنيا قد أوقع الناس في الشح الذي حملهم على قطع الرحم وعقوق الآباء، والإساءة إلى الجيران، ولم يعد مسلم يعرف لأخيه المسلم حقا بسبب التنافس في الدنيا، ولذلك حذر الإسلام من التنافس في الدنيا لما فيه من المفاسد، ولذلك يقول أحد السلف “إذا رأيت من ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة” وأيضا من التنافس المذموم هو المسارعة بالكفر والإثم والعدوان، وإن التنافس في أعمال الإثم سمة أساسية من سمات اليهود،، وكذلك التنافس في تضليل المؤمنين والإفساد بينهم، وهذا تنافس ذميم وتسابق أثيم على قتل العفه فى بلاد المسلمين.
ونشر الرزيله فى أوساط المؤمنين” فنجد كثير من الشباب يتنافس في نشر المخدرات والأفلام الإباحية وسط أقرانه، والبعض يتنافس في إظهار أحدث أنواع الموضة العالمية ويتفاخر بذلك، ولذلك إن استطعت أن تسارع وتسابق وتبادر وتغتنم حياتك قبل موتك فافعل، واعلم بأنك ستجد أول الطريق مزدحما، وأما في آخره فلن تجد إلا قلة مختارة مصطفاة، فاحرص على أن تكون منهم، والسبيل الأوحد إلي المنافسة هو تعظيم أمر النية، وتعظيم أمر الآخرة وتلك سمة الأنبياء، وثمرة ذلك انشغالك بربك وما يرضيه، فيقول أحد السلف “من كان اليوم مشغولا بنفسه فهو غدا مشغول بنفسه، ومن كان اليوم مشغولا بربه فهو غدا مشغول بربه” فبادروا في اغتنام حياتكم قبل فنائها، وأعماركم قبل انقضائها بفعل الخيرات والاكثار من الطاعات، فإن الفرص لا تدوم.
والعوارض التي تحول بين الانسان وبين العمل كثيرة وغير مأمونة، ولا شك أن القلوب تمرض كالأبدان، ومرض القلوب أنواع، فمنها مرض لا يتألم به صاحبه في الحال، كمرض الجهل، ومرض الشبهات والشهوات والشكوك، وهذا النوع هو أشد الأمراض ألما، ولكن لفساد القلب لا يحس بالألم، وعلاجه إلى الرسل وأتباعهم، فهم أطباء هذا المرض، ولا شفاء منه إلا باتباع ما جاءوا به من الهدى، والقلب له حياة وموت، ومرض وشفاء، وذلك أعظم مما للبدن، والغالب في أمراض القلب أنها لا تزول إلا بالأدوية الإيمانية النبوية، فالهم والغم والحزن من أمراض القلب، وشفاؤها بأضدادها من الفرح والسرور والأنس، وجماع أمراض القلوب هي أمراض الشبهات، وأمراض الشهوات، والقرآن شفاء للنوعين، ولغيرها من الأسقام ففيه من الآيات والبراهين القطعية.
ما يبين الحق من الباطل، فتزول أمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك، بحيث يرى الأشياء على ما هي عليه، وفيه إثبات التوحيد، وإثبات الصفات، وإثبات المعاد وإثبات النبوات، وفي ذلك كله شفاء من الجهل، وهو الشفاء على الحقيقة من أدواء الشبه والشكوك، ولكن ذلك موقوف على فهمه ومعرفة المراد منه، وأما شفاء القرآن لمرض الشهوات، فذلك بما فيه من الحكمة والموعظة الحسنة، بالترغيب والترهيب، والتزهيد في الدنيا، والترغيب في الآخرة، والأمثال والقصص التي فيها أنواع العبر والاستبصار، فيرغب القلب السليم إذا أبصر ذلك فيما ينفعه في معاشه ومعاده، ويرغب عما يضره، فيصير القلب محبا للرشد مبغضا للغي، ويعود للفطرة التي فطره الله عليها، كما يعود البدن المريض إلى صحته.
زر الذهاب إلى الأعلى