مقالات

الدكروري يكتب عن مصيبة لا مفر منها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

كم قامت من أجل تلك الحياة الدنيا خصومات ومشاكل، وللناس في كل زمان أفهام حول هذه الحياة الطيبة، وهم تبعا لذلك أصناف فمنهم من يرى الحياة الطيبة في كثرة المال وسعة الرزق، وأنه إذا توفرت له هذه الأمور فإنه في حياة طيبة وحياة كريمة، فهو يسعى في ذلك ويجهد نفسه، ويسلك كل الوسائل التي يرى أنها تمكنه من الحصول على مطلبه بل بعض الناس يجعل من هذه الغاية مبررا لكل وسيلة، فيتخذ كل ما خطر بباله ويرى أنه يوصله لهذه الغاية، ولو كان مما حرم الله تبارك وتعالى، وقيل أن طاووس بن كيسان رحمه الله تعالى، أحد التابعين أو تابعي التابعين مر على رجل في وقت السّحر فضرب عليه الباب فقال أهله إنه نائم، فتعجب طاووس قال كيف ينام؟ هل هناك إنسان ينام في هذا الوقت؟ 

أي وقت النزول الإلهي، وقت استجابة الدعاء، ولقد قال الله تعالى فى سورة السجدة ” تتجافي جنوبهم عن المضاجع” أي يقومون لصلاة الليل وهم المتهجدون وعن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له “ألا أدلك على أبواب الخير، الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام العبد فى جوف الليل” إن الموت مصيبة لا مفر منها، وهي امتحان لنا جميعا، لنعمل الصالحات، ونحسن أعمالنا لننال جزاءنا، فيرضى الله سبحانه وتعالى عنا، وإن الموت حق على العباد، لا مفر منه ولا محيد، وإن أول المنازل التي ينزلها العبد بعد موته، وبعد خروج روحه ومفارقته للأهل الأحباب، هو القبر، فالقبر أول منازل الآخرة، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبلل لحيته. 

فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج فما بعده أشد منه” وإن عذاب القبر حق ووعد صدق، وإنه روضة من رياض الجنة للمؤمنين، أو حفرة من حفر النار للمجرمين، والحزن والبكاء على فقد قريب أو عزيز أمر جائز، ولكنه هو البكاء الذى بلا صوت، وهو جائز اتفاقا، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه رحمة، ففي الحديث المتفق عليه ” أنه فاضت عيناه حينما رفع إليه ابن ابنته كأنه شن، فقال له سعد يا رسول الله، ما هذا ؟ فقال “هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء” وكذلك الحال عند موت ابنه إبراهيم. 

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” وأما المحرم فهو النوح والندب أو البكاء المقرون بهما أو بأحدهما، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلى لسانه ” متفق عليه، وقد قال النووي رحمه الله وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء، أي البكاء الذي يعذب عليه، وهو البكاء بصوت ونياحة، لا مجرد دمع العين، فالميت إذا نيح عليه بالصوت المرتفع بالصياح، هذا جاء في الحديث أنه يعذب في الحديث الصحيح، عذاب الله أعلم بحقيقته، عذاب الله الذي يعلمه سبحانه وتعالى، وذلك يفيد أنه لا يجوز لأهل الميت أن ينوحوا عليه. 

أو أن يرفعوا الصوت بالنياحة عليه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية ويقول صلى الله عليه وسلم “أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة” والصالقة هى التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة هى التي تحلق شعرها، والشاقة هى التي تشق ثوبها، وهذا كله لا يجوز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock