دين ودنيا

الدكروري يكتب عن الدنيا مزرعة الآخرة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من أعظم ما يلين القلوب، هو قبول أوامر الله، والعمل بها، واجتناب نواهيه، ومن أعظم ما يقسيها هو الإعراض عن أوامر الله ونواهيه، فقبول الحق، والعمل به، سبب لهداية القلب وإيمانه، ورد الحق، وترك العمل به، سبب لزيغ القلب وطغيانه، وإن من علم أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الحياة قصيرة، والترحل منها سريع، وجب عليه اغتنامها بالإيمان والعمل الصالح قبل فوات الأوان، ولقد اختار الله سبحانه وتعالي الإنسان ليستخلفه في الأرض فوهبه العلم مناط العمل والتشريف، ومنحه العقل مناط الخطاب والتكليف ففضل الله تعالي الإنسان على كثير ممن خلق بنعمة العلم والعقل، ورتب على ذلك التكليف والعمل ولقد حث القرآن الكريم والإسلام على التعلم، والله عز وجل لم يأمر نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

بأن يسأله الزيادة من شيء إلا من العلم فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم “وقل رب زدني علما” وينطلق العلم في الإسلام من وجوب الأمر بالعمل، ومن وجوب الإيمان بالعلم النافع أما الإيمان بالعلم النافع فأصله اتباع ما جاءت به الشريعة الإسلامية من الأوامر والنواهي، أما الأوامر فتعني اتباع كل طيب حسن، وأما النواهي فتعني ترك كل قبيح سيئ ضار، ولا أقبح ولا أسوأ، ولا أضر من الجهل الذي يؤدي بصاحبه إلى اتباع الشيطان، ذلك لأن العلم النافع درع واق وسلاح متين يحمي صاحبه من الشيطان ومسه، والجهل كل الجهل إنما هو اتباع الشيطان، وإلى مغبة الجهل التي يفتلها الشيطان، ولقد حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيّن أنه علامة الخير فقال ” من يرد الله به خيرا يفقه في الدين”

وقال صلى الله عليه وسلم ” من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله به طريقا إلي الجنة” ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا، والعلماء ورثة الأنبياء، والاشتغال بالعلم من الباقيات الصالحات، والصدقة الجارية بعد الممات، والثواب المستمر بعد الوفاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” ولقد اهتم الإسلام بقيمة العلم أيما اهتمام، ولقد بلغت عناية الله سبحانه وتعالى بنا لرفع الجهل عنا أن كان أول ما نزل من الوحي على نبينا أعظم كلمة هبط بها جبريل هي قوله تعالى ” افرأ باسم ربك الذي خلق” وأمر الله عز وجل بالقراءة والعلم في أول آية نزلت من القرآن.

دليل واضح على أهمية العلم في تكوين عقل الإنسان وفي رفعه إلى المكانة السامية، فلا يستوي عند الله الذي يعلم والذي لا يعلم، فأهل العلم لهم مقام عظيم في شريعتنا الغراء، فهم من ورثة الأنبياء والمرسلين، فيقول الله تبارك تعالى ” هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب” فلا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم، كما لا يستوي الحي والميت، والسميع والأصم، والبصير والأعمى، فالعلم نور يهتدي به صاحبه إلى الطريق السوي، ويخرج به من الظلمات إلى النور، وإن للعلم أوعية يحفظونه وحماة يحمونه، ورجالا يحملونه، وشيوخا يخدمونه، ينتقل عبر الأجيال عن طريقهم، وينتشر في الآفاق بجهودهم.

وإن المعلمين ينوبون عن الأنبياء والعلماء في وظيفتهم التربوية والتعليمية، ويقومون بخدمة الأمة في إعداد الأجيال المستقبلية، ويزرعون في أبناء الجيل بذور الحياة والسعادة الدنيوية والأخروية، فهم أحرى بالاحترام والتقدير، وأجدر بالتبجيل والتوقير، فأقيلوا عثراتهم، أقيلوا عثراتهم وتجاوزوا عن زلاتهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock