مقالات

الدكروري يكتب عن فتنة الدنيا والتسابق فيها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من أسباب هلاك الأمم الركون إلى الدنيا والتسابق فيها، وهو الداء الذي أهلك الأمم السابقة، وهو ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه حين حذرها من فتنة الدنيا والتسابق فيها، فكم من أخ قتل أخاه من أجل الميراث؟ وكم من جار قتل جاره من أجل شبرٍ من الأرض ؟ وكم من مسلم قتل مسلما من أجل جنيه؟ وهذا حدث فعلاً حينما حدث شجار مع سائق أجرة فاختلفا على جنيه فما لبث أحدهما حتى أشهر مطوى فقتل بها الآخر، فعلى الإنسان أن يرضى بما قسم الله له، وينبغي على كل عاقل أن يعلم أن الرزق مقدر من عند الله، ليس مكتسبا بعلم ولا بعقل، قال بعض الحكماء “لو جرت الأرزاق على قدر العقول لم تعش البهائم” فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم. 

“يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى، ولبس فأبلى وعملى فأبقى” فإذا رأيت من هو أكثر منك مالا، أو ولدا فاعلم أن هناك من أنت أكثر منه مالا، وولدا أيضا، فانظر إلى من أنت فوقه، و لا تنظر إلى من هو فوقك فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “انظروا إلى من هو أسفل منكم, ولا تنظروا إلى من هو فوقكم, فهو أجدر أن تزدروا نعمة الله عليكم” وإن تحقيق صفة الرضا يقتضي أن تنظر في أحوال الناس الآخرين لتعلم مقدار نعم الله عليك التي قد يحسدك عليها الملايين من البشر، وكما أن التفرق والتحزب والاختلاف من أسباب هلاك ودمار الأمم القديمة والحديثة، وهذا ملموس في واقعنا المعاصر من ضعف في الإيمان، وقسوة في القلوب، وتفرق في الكلمة. 

واختلال في الصف، ونزاع بين الإخوة، وأحقاد وأطماع، لا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام، الذين لا يزيدهم مرور الأعوام إلا قوة وفتوة؟ وقد يبلغ التفرق بالأمة مبلغ الاحتراب والاقتتال، فيفني بعضهم بعضا، ويقتلون أنفسهم ويتركون أعداءهم كما وقع ذلك في كثير من دول الإسلام وتاريخهم، ولا يزال يقع إلى يومنا هذا، وإن ما نحن فيه من غلاء وأزمات جنيناه بما كسبت أيدينا وهذه حقيقة ذكرها القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان، فقال تعالى كما جاء في سورة الشوري ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير” وقال الطبري ” يقول تعالى ذكره وما يصيبكم أيها الناس من مصيبة في الدنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم فبما كسبت أيديكم. 

يقول فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله لكم بما اجترحتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم، ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم فلا يعاقبكم به” وكما يقول ابن كثير ” إن النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي ليذيقهم بعض الذي عملوا، أي يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختبارا منه على صنيعهم ” لعلهم يرجعون ” أي عن المعاصي، فالناس يظلمون أنفسهم بارتكاب المعاصي والآثام، ومع ظلمهم فإن الله لا يؤاخذهم به، وقال ابن مسعود ” لو آخذ الله الخلائق بذنوب المذنبين لأصاب العذاب جميع الخلق حتى الجعلان في جحرها ولأمسك الأمطار من السماء والنبات من الأرض فمات الدواب، ولكن الله يأخذ بالعفو والفضل كما قال تعالي ” ويعفو عن كثير ” ومعني الجعلان هو حيوان كالخنفساء يكثر في المواضع الندية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock