بقلم / محمــــد الدكـــروري
لقد كان النبي صلي الله عليه وسلم مع هذه الشجاعة العظيمة كان لطيفا رحيما فلم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال” خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا” رواه الشيخان، وعن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، وفي رواية ما ضرب رسول الله شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله ” رواه الشيخان، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم”
وعن سعيد بن المسيب قال، قدم معاوية بن أبى سفيان المدينة، فخطبنا، وأخرج كبة من شعر، فقال”ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه، فسماه الزور”متفق عليه، وفي الصحيحين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لعن الله الواصلة والمستوصلة” والواصلة هي التي تصل الشعر بغيره، والمستوصلة هي التي تطلب فعل ذلك، فالزور وصف للشيء على خلاف ما هو عليه فعلا، عن طريق تسويته وتحسينه، ليحسب أنه صدق، ولقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أن شهادة الزوركبيرة من الكبائر، فقال الإمام القرطبى “شهادة الزور هي الشهادة بالكذب ليتوصل بها إلى الباطل، من إتلاف نفس، أو أخذ مال، أو تحليل حرام، أو تحريم حلال، فلا شيء من الكبائر أعظم ضررا منها، ولا أكثر فسادا بعد الشرك بالله”
وشاهد الزور قد ارتكب عظائم كثيرة، منها الكذب والافتراء، فقال الله تعالى فى كتابه العزيز ” إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب” وإن من علا مات المنافق أنه إذا حدث كذب، وأنه بشهادة الزور قد ظلم المشهود ضده، حيث اعتدى بشهادته على ماله، أو عرضه، وربما على روحه، وأيضا ظلم المشهود له، حيث ساق ليه المال الحرام، فأخذه بشهادته، فوجبت له النار، وقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “من قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها” رواه البخارى، وأيضا أباح ما حرم الله تعالى، من عصمة المال والدم والعرض، ولذلك كانت عقوبة شاهد الزور في الإسلام شديدة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور” فما زال يكررها، حتى قلنا ليته سكت” رواه البخارى.
ولقد شدد الإسلام في تحريم شهادة الزور أيما تشديد، حتى قرنت في القرآن الكريم بالشرك بالله، فقال تعالى فى كتابه الكريم ” فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به” وقال القرطبى”هذه الآية تضمنت الوعيد على الشهادة بالزور، وينبغى للحاكم إذا عثر على الشاهد بالزور أن يعزره، وينادى عليه ليعرف، لئلا يغتر بشهادته احد، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه “عدلت شهادة الزور الشرك بالله، وقرأ “واجتنبوا قول الزور” فالشهادة إذا تحولت عن وظيفتها، صارت سندا للباطل، ومضللة للقضاة، فيستعان بها على الظلم، ويقع الحكم بغير حق، ومن ثم رفضت شهادة من عرف بسوء خلق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا زان ولا زانية، ولا ذي غِمر أى حقد، على أخيه” رواه أبى داود.
زر الذهاب إلى الأعلى