بقلم/ محمـــد الدكـــروري
إن تنمية القيم الإنسانية لدى الإنسان تعتبر من أولى الأولويات لبناء مجتمعات قوية، متماسكة، قادرة على تخطي العقبات المختلفة، والتأسيس لانطلاقة قوية نحو المجد، والرفعة، وتنمية هذه القيمة تبدأ أولا لدى الأجيال الجديدة، والأطفال، منذ مراحلهم العمرية الأولى، فهم الذين سيمسكون زمام القيادة في المستقبل، وهم من يحتاجون إلى وجود قاعدة أخلاقية قوية لديهم، تعينهم على المُضي قدما في حياتهم، لذا فإن انتهاج الأساليب التربوية العلمية عند التعامل مع الأطفال يساعد بشكل كبير على تزويدهم بهذه القيم العظيمة، أما بالنسبة للكبار فإن تنمية القيم الإنسانية لديهم تكون بحاجة إلى رغبة ذاتية أولا، ومُجاهدة كبيرة للنفس، وتزكية لها، ومن ينجح في هذا الأمر، فإنه يضمن الفلاح، والنجاة على كافة الصعد، وإن الإسلام دين الصلاح والإصلاح.
يدعو إلى الخير وينهى عن الشر والإفساد والإفساد في الأرض شيمة المجرمين، وطبيعة المخربين، وعمل المفسدين، ففيه ضياع للأملاك، وضيق في الأرزاق، وسقوط للأخلاق، إنه إخفاق فوق إخفاق، يحول المجتمع إلى غابة يأكل القوي فيه الضعيف، وينقض الكبير على الصغير، وينتقم الغني من الفقير، فيزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقرا، ويقوى القوى على قوته، ويضعف الضعيف على ضعفه والفساد داء ممتد لا تحده حدود، ولا تمنعه فواصل، يطال المجتمعات كلها متقدمها ومتخلفها بدرجات متفاوتة، وإن شرائع السماء كلها نهت عن الفساد في الأرض ودعت الناس إلى عدم الانقياد لهم أو معاونتهم فإن من أعان المفسدين أو رضي بأفعالهم أو تستر عليهم فهو شريك لهم في الإثم، وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال ” ولا تعاونوا على الأثم والعدوان”
وقال الله تعالى ” ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون” و قال الله تعالى ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها” وهذه الآيات العظيمة، وغيرها مما يقارب خمسين آية في كتاب الله تعالى كلها تحذر من الفساد بجميع صوره وأشكاله وأنواعه والتحذير من الفساد جاء عاماً، للتحذير من كل صور الفساد، ولم يخصص نوعا من أنواع الفساد حتى يبتعد المسلمون عن جميع الصور، فسبحان الله العظيم، من للعباد غيره يدبر الأمر ومن يعدل المائل من يشفى المريض ومن يرعى الجنين فى بطون الحوامل من يحمى العباد وهم نيام وهل لحمايته بدائل من يرزق العباد ولولا حلمه لأكلوا من المزابل من ينصر المظلوم ولولا عدله لسووا بين القتيل والقاتل، ومن يظهر الحق ولولا لطفه لحكم القضاة للباطل من يجيب المضطر اذا دعاه.
وغيره استعصت على قدرته المسائل من يكشف الكرب والغم ومن يفصل بين المشغول والشاغل من يشرح الصدور ولولا هداه لنعدم الكوامل من كسانا، من أطعمنا وسقانا، من كفانا وهدانا من خلق لنا الأبناء والحلائل من سخر لنا جوارحنا ومن طوع لنا الأعضاء والمفاصل من لنا إذا انقضى الشباب وتقطعت بنا الأسباب والوسائل هو الله, هو الله، هو الله الإله الحق وكل ما خلا الله باطل، والإفساد في الأرض أمر يجب التحذير منه والتنبه له، لأنه أمر مخالف لدعوة الأنبياء والرسل عليهم السلام الذين جاءوا بالإصلاح في الأرض، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله عز وجل، وتتابعت رسُل الله وأنبياؤه ينهون عن الفساد في الأرض، وإن للإفساد في الأرض صور وأشكال وألوان مختلفة ومتعددة.
زر الذهاب إلى الأعلى