بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن بعض الآباء يربي أولادة وكأنه يعيش قبل خمسين سنة من الماضي، ولا يراعي تغير الزمن والحوادث، والبعض الآخر يمنح ابنه الثقة العمياء، والبعض منهم يقول لا أستطيع أن أمنعه من كل رغباته، ويجب أن أكون معه متفاهما، فلا أجبره على شيء لا يرغب فيه، ولا أنهاه عن شيء يرغب فيه حتى يكون هو نفسه يأتمر أو ينتهي، وأقول إن هذا جيد ولكن وسط ضوابط وشروط أهمها، هو عدم تعميم القاعدة على كل مسألة، فإن بعض المسائل لا تقبل هذا البته، بل يجب الحزم والمنع، أرأيت لو أن ابنك أراد تعاطي السم أكنت تاركه إن لم يقتنع بأضراره، فهذه الوسائل أشد فتكا وضررا به لو تعلمون، وكذلك إهمال الابن في سن الصغر، ثم إذا راهق الابن جاء الأب ليربي، وعندئذ يخسر الأب كثيرا، وكذلك غفلة كثير من المربين من معلمين ومرشدين ومديرين عن توعية أبناء المسلمين في ذلك.
فإن دور المدرسة يجب أن يفعل في ذلك، فالمدرسة في هذه الأيام يجب أن تركز على التربية أكثر من تركيزها على التعليم، وإن من الأسباب هو الجهل المفرط بالواقع الذي نعيشه، وإياكم والكسل في تربية الأبناء، ولنعلم جميعا أن الكسل هو مرض خطير وقد استعاذ منه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وضده النشاط، وإن العجز يحتاج إلى مقاومة بالعزيمة والإرادة والاستعانة بالله سبحانه وتعالى والكسل في الشرع هو التغافل عن كل واجب فرضه الله تبارك وتعالى على الإنسان والكسل له علامات، وإن أعظم مصيبة أن يصاب الإنسان بهذا المرض وهو لا يدري، وكثير من الناس مصابون بهذا المرض وهم لا يعلمون والماء الراكد تتغير رائحته، وبعض الفقهاء إذا تغيرت رائحته يرون أنه لا يجوز الاستنجاء ولا الوضوء به، تصوروا الماء لا يكون طيبا إلا إذا جرى.
والكسل سبب من أسباب موات الهمم، بل إنه مقبرة النبوغ، ولكم عُرف من أشخاص عندهم من الذكاء والفطنة الفهم ما ليس عندهم، لكنهم نحُوا أفكارهم وأبدانهم عن ممارسة الأعمال التي تعود عليهم بالخير فأصبحوا في عداد الموتى وهم وللأسف أحياء، وإن الكسل تجميد للطاقات الإنسانية، وإفساد للحياة الاجتماعية، وشلل للحركة الاقتصادية، ونهايته على مستوى الأفراد ومستوى الأمم للأسف الشديد فقر وفشل عام في الحياة، ولو بحثت عن أسباب الكسل في المسلمين خاصة ستجد أنه البعد عن شرع الله عز وجل، ولماذا ذلك؟ وهو لأن حياة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كلها نشاط، لا وجود للكسل فيها إطلاقا، والكسل أخطر أنواعه هو الكسل الروحي، وهذا يصيب طائفة كبيرة جدا من المسلمين شبابا ورجالا وشيبا وأطفالا، والتكاسل عن الأمور الشرعية.
والتكاسل عن العبادات لاسيما العبادة اليومية الصلاة، والصلاة لها خصوصيات، فالحج في السنة مرة، والصوم الواجب هو صوم رمضان، والزكاة إذا حال الحول وبلغت الأموال النصاب، أما الصلاة فكل يوم خمسين مرة خففها الله سبحانه وتعالى إلى خمس، فلا مجال لمقارنة الصلاة بغيرها، لذا فإن من أعظم ما يصاب به الإنسان من فوات الخير أن يكسل في أمور دينه، وإذا أردت أن تقيِّم أحدا فابدأ بالصلاة، فإذا تقدم إنسان ليتزوج، فإن أول ما تسأل عنه هو أنه هل يصلي أم لا يصلي؟ فإذا كان يصلي فهل يصلي في المسجد أم لا؟ وهذا سؤال كل الناس يسألونه، حتى إن بعض الآباء لا يصلون في المسجد، لكن إذا تقدم لإبنته رجل يصلي في المسجد اطمأن قلبه أكثر، وهو بنفسه لا يصلي في المسجد لأنه يعلم في قرارة نفسه أن الاتصال بالله ضمانة.
زر الذهاب إلى الأعلى