مقالات

الدكروري يكتب عن ليميز الخبيث من الطيب

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إنه يبتلي الله سبحانه وتعالي الحق ليميز الخبيث من الطيب، ويعظم الأجر لمن يمضي مع الابتلاء ويثبت, فقال الله تعالى كما جاء فى سورة النساء ” فليقاتل فى سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل فى سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما” وإن الحق هو الصراط المستقيم الذى كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، وهو يتضمن معرفة الحق، وإيثاره، وتقديمه على غيره، ومحبته، والانقياد له، والدعوة إليه، والصبر عليه، وجهاد أعدائه، وما سواه فهو صراط أهل الباطل، أهل الغضب والضلال، فقال سبحانه وتعالى ” اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الظالين” 

ومن رحمة الله بالخلق وعنايته بهم أن بعث إليهم الرسل الكرام تبين الحق وتميزه من الباطل، بحيث يصير مشهودا للقلب كشهود العين للمرئيات، وهذه المرتبة هي حجة الله على خلقه، والتي لا يعذب أحدا ولا يضله إلا بعد وصوله إليها، فقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة التوبة ” وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شئ عليم” وكذلك فإن الحق هو الذى بعث الله به رسله، وجعل إبلاغه إليهم وإلى العلماء من بعدهم، وبعد ذلك يضل الله من يشاء، ويهدي من يشاء, فقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة إبراهيم ” وما أرسلنا رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وهو العزيز الحكيم” 

فالرسل الكرام تبين الحق, والله تعالى يضل من يشاء, ويهدي من يشاء, وسماع الحق لفظه ومعناه وقبوله خاص بمن أراد الله تعالى هدايته, فقال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الزمر ” والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ” وإن الناس صنفان عالم, وأعمى, فأهل الجهل بمنزلة العميان الذين لا يبصرون، وأهل الجهل صم بكم عمي، وكما لا يستوي الأعمى والبصير كذلك لا يستوي العالم والجاهل فقال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الرعد ” أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب” 

وإن لمعرفة الحق، والاستفادة منه، والعمل به، وقبوله، لا بد من النور الخارجي وهو القرآن الذى فيه تبيان كل شيء، والنور الداخلي وهو الإيمان ومحله القلب، وإذا امتلأ القلب بالإيمان وتزين به فرّق بين الحق والباطل، وأحب الطاعات، وأبغض المعاصى وإن صلاح البشرية بأمرين، بالإيمان, والعمل الصالح، وإن الحق لا يحق والباطل لا يبطل فى أي مجتمع بمجرد البيان النظرى للحق والباطل، ولا بمجرد الاعتقاد النظري بأن هذا حق وهذا باطل، وإن كانت الهداية تنزل على من شاء الله من عباده، ولكن الحق لا يحق ولا يوجد في واقع الناس، والباطل لا يبطل ولا يذهب من واقع الناس إلا بالتضحية. 

وبذل الجهد لإعلاء كلمة الله، وتحطيم سلطان الباطل حتى يعلو سلطان الحق، وذلك لا يتم إلا بأن يغلب جند الحق ويظهروا، ويهزم جند الباطل ويندحروا، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة النساء ” فليقاتل فى سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل فى سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نرتيه أجرا عظيما ” فإن الحق شأنه كبير، وما تقف له أي قوة مهما كانت إلا ويدفعها لأن الله هو الحق، وهو الذى أنزل الحق، ولكن الحق لا يتحقق في عالم الواقع إلا بعد تمامه في عالم الضمير، وما يستعلى أصحاب الحق فى الظاهر إلا بعد أن يستعلوا بالحق فى الباطن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock