بقلم / هاجر الرفاعي
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلي آل بيته الأخيار الطاهرين فسوف نتكلم عن آل بيت النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ومع إحدي زوجاته الطاهرات الشريفات العفيفات : وهي السيدة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضى الله عنهما، وهى زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأشهر نسائه، وقد ولدت رضي الله عنها، سنة تسع قبل الهجرة، وكنيتها أم عبد الله، ولقبت بالصديقة، وعُرفت بأم المؤمنين، وبالحميراء لغلبة البياض على لونها، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها، التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان”
وقد اشتهرت عائشة رضي الله عنها بالحياء والورع الشديدين، حتى إنها كانت تستحي من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو في قبره، ولعل خير مثال على ذلك ما روته السيدة عائشة رضي الله عنها بقولها “كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي فأقول : “إنما هما زوجي وأبي” فلما دفن عمر معهما، فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي، حياء من عمر” وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر في شوال عام اثنين من الهجره، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أحد لسقاية الجرحى، وقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي حديث عمرو بن العاص عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم “أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟”
قال : “عائشة” قال ” فمن الرجال؟” قال : “أبوها” وقد اكتسبت السيدة عائشة رضي الله عنها علما غزيرا صافيا من نبع النبوة الذي لا ينضب، فكانت أفقه نساء المسلمين، وأعلمهن بالدين وأصوله وفروعه والأدب، ولا يحدث لها أمر إلا أنشدت فيه شعرا، وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفقه والفرائض، فتجيبهم، وقد قال : عطاء رضي الله عنه ” كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا” وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ” ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما” وفي ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان عام ثمانيه وخمسين من الهجره، توفيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
الزوجة الثالثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي لم يتزوج امرأة بكرا غيرها، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام” رواه البخارى، وكان من أهم المواقف في حياتها رضي الله عنها، مع الصحابة ما جاء في أحداث موقعة الجمل في جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، والتي راح ضحيتها اثنان من خيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هما طلحة والزبير رضي الله عنهما، ونحو عشرين ألفا من المسلمين، وعن عن عباد بن حمزة أن عائشة رضي الله عنها، قالت يا نبي الله، ألا تكنيني؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : “اكتني بابنك عبد الله بن الزبير” فكانت تكنى بأم عبد الله، إبن أختها أسماء بنت أبى بكر، وعن مسروق قال، قالت لي عائشة رضي الله عنها لقد رأيت جبريل واقفا في حجرتي هذه على فرس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيه، فلما دخل قلت يا رسول الله : من هذا الذي رأيتك تناجيه؟ قال : “وهل رأيته؟” قلت نعم، قال : ” فبمن شبهته؟” قلت بدحية الكلبي، قال : “لقد رأيت خيرا كثيرا، ذاك جبريل” قالت فما لبثت إلا يسيرا حتى قال : “يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام” قلت وعليه السلام، جزاه الله من دخيل خيرا” وعن هشام بن عروة عن أبيه قال : قالت لي عائشة يابن أختي، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ما يخفى عليَّ حين تغضبين ولا حين ترضين “
فقلت بما تعرف ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال : “أما حين ترضين فتقولين حين تحلفين لا ورب محمد، وأما حين تغضبين فتقولين لا ورب إبراهيم” فقلت صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد قضت السيدة عائشة رضي الله عنها بقية عمرها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كمرجع أساسي للسائلين والمستفتين، وقدوة يُقتدى بها في سائر المجالات والشئون، وقد كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشيختهم يسألونها ويستفتونها.